هل عرفت أوروبا أكل لحوم البشر؟

وقال بولستين إن الدراسات الحديثة أكدت أن أوروبا عرفت أكل لحوم البشر منذ آلاف السنين، مما أدى إلى قطع هذه البقايا. وقد تم كسره عمداً، وظهرت آثار أسنان واضحة، مما يؤكد استخدامه في الطعام.

وكشفت دراسة حديثة أخرى أن أكل لحوم البشر كان ممارسة دفن روتينية شائعة في أوروبا منذ حوالي 15000 عام، حيث كان الناس يأكلون موتاهم ليس بسبب الضرورة ولكن كجزء من ثقافتهم، بينما كان الباحثون في السابق يقضمون العظام والجماجم البشرية التي تحولت إلى أكواب في كهف غوف. وفي إنجلترا، تشير دراسة نشرت في مجلة Quaternary Science Review إلى أن هذا لم يكن حادثة معزولة.

ويشير كتاب “تاريخ فكري لأكل لحوم البشر” للمؤلف الروماني أفرام أفراميسكو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بوخارست، إلى أن أكل لحوم البشر تم تقديمه على أنه “الرجل القاسي”، قبل أن يلفت انتباه المفكرين ويصبح أحد أكثر أساطير تسكن خيال الناس وتملأ قصصهم.” على أية حال، لا يزال أكلة لحوم البشر يعتبرون “أشخاصا” يتواجدون في أماكن بعيدة عن أي حضارة، ومؤلف هذا الكتاب ليس كذلك. فهو لا يشرح أسباب وجود “أكل لحوم البشر” في اهتمامات الفلاسفة فحسب، بل يحاول أيضًا تفسير أسباب اختفائه.

ويحاول مؤلف الكتاب تقديم أدلة على أن “آكل لحوم البشر” كان قبل كل شيء مخلوقا “نظريا” يلقي مصيره الضوء على تراجع نظريات القانون الطبيعي، وعلى ظهور مفهوم الحداثة، إضافة إلى قيمة المعيارية فيما يتعلق بقيم الخير والشر، وبهذا المعنى يؤرخ المؤلف لأفكار ظاهرة “أكل لحوم البشر” ومكانتها في الفكر والفلسفة طوال مسار الحضارة الغربية التفكير

وبحسب مجلة “ساينتفيك أمريكان” الأمريكية، فإن تاريخ الإنسان نفسه لم يسلم من حالات لا حصر لها، والتي بالطبع لا تبدأ ببقايا عظام بشرية تم اكتشافها في كهف غوف بمقاطعة سومرست، والتي تؤكد آثار خدوشها أن لحوم أصحابها كانت تؤكل – قبل 14700 سنة مضت بأسنان الإنسان، ومن المؤكد أن الأمر لا ينتهي عند ألبرتو سانشيز غوميز. الإسباني الذي اعترف في فبراير الماضي بقتل والدته المسنة وتقطيع جثتها إلى أكثر من ألف قطعة صغيرة، طبخ بعضها ليأكلها مع كلبه.

وحتى على أراضي بلادنا العربية، سجل التاريخ حوادث تجاوزت بشاعة حدود الخيال، مثل جنود الحملة الصليبية الأولى الذين التهموا لحوم أهل مدينة معرة النعمان عام 1098، بعد عناء طويل. الحصار الذي استسلم في نهايته الأهالي بعد أن توعد الصليبيون بالمحافظة على حياتهم، فكسروه بمجرد فتح أبواب المدينة، وكان عددهم حينها أكثر من عشرين ألف شخص جنس.

وهناك المجاعة المصرية التي حدثت سنة 1201 في سلطنة العادل الأيوبي، وقد كتب عنها المقريزي في “إغاثة الأمة بكشف الغمة” قائلا: “ثم أهل القرى” إلى القاهرة بسبب الجوع، وبدأ فصل الربيع، ونفخ الهواء، وأعقبه وباء وإبادة، وكان هناك نقص في الطعام حتى حلول الظلام. فأكل الناس وجاع بني آدم ليأكلوا ابنه مشويا مطبوخا، وأكلت المرأة “ابنها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top