عصر العلم.. حكاية لقاء السحاب بين صاحبى نوبل نجيب محفوظ وأحمد زويل

حياة نجيب محفوظ مثل رواياته مليئة بالأحداث ومليئة بالمفاجآت، وبالبحث فيها تكتشف أنه كما أبدع في تقديم شخصيات رواياته بشكل مشوق ومميز، فقد أبدع أيضًا في الكتابة. مقدمات لكتب نخبة من الأدباء، مثل «تراتيل في ظل تمارا» للساخر محمد عفيفي، و«نجيب محفوظ يتذكر» للكاتب جمال الغيطاني، و«أساتذتي» لإبراهيم عبد العزيز. وربما لو بحثنا ووجدنا مؤلفين آخرين أتيحت لهم الفرصة لعرض كتبهم على يد نجيب محفوظ.

لكن المقدمة الأكثر إبداعا هي مقدمته للدكتور. مذكرات أحمد زويل، والتي صدرت تحت عنوان: “عصر العلم” تلك المقدمة التي بقدر ما فيها من فخامة في الأسلوب، إلا أنها تحتوي أيضًا على قدر كبير من التواضع، والصدق في نقل المعلومات، والفخر بشخص أحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل في سن مبكرة، بل ومن المتوقع أن يفوز بها مرة أخرى، ولكن السؤال هو: كيف جمعت الأقدار نجيب محفوظ وأحمد زويل معاً؟ كيف جاءت فكرة المقدمة؟

وفي حوار مع اليوم السابع قال د. أحمد المسلماني، الصحفي، مستشار رئيس الجمهورية الأسبق، والأمين العام لاتحاد الكتاب الأفارقة والآسيويين، ومحرر كتاب “عصر العلم”، تفاصيل لقائه مع نجيب محفوظ، ويقول :

«اقترحت على الدكتور زويل أن تكون هناك مقدمة للكتاب، وأن تكون المقدمة للأستاذ نجيب محفوظ. أعجبته الفكرة ورحب بها وزاره، وسأستمر في التواصل معه حتى كتابة المقدمة، ثم اتصلت بالأستاذ جمال الغيطاني، لأنه ضمن الدائرة المقربة. من نجيب محفوظ قلت له: أريد مساعدتك يقوم الأستاذ نجيب محفوظ بكتابة مقدمة كتاب الدكتور أحمد زويل “عصر العلم”، ليجتمع الفائزان بجائزة نوبل في كتاب. اقترح عليّ أحد الأشخاص أن آتي إلى فرح بوت لعرض الأمر على الأستاذ، فذهبت إلى هناك في الوقت المحدد، ولم أكن غريباً عن المكان ولا عن الأشخاص الموجودين فيه…ولكن هذه المرة جئت مع نية الحصول على “كلمة” من الأستاذ.

وبمجرد أن رآني الأستاذ نجيب محفوظ سألني:
كيف حال أستاذنا أحمد زويل؟
قلت له: كل شيء على ما يرام، سيأتي لزيارتك.
قال: أستطيع أن أذهب إليه.
قلت: يريد أن يأتي إليك، وقد يكون هنا خلال ساعة.
سألني: وماذا عن كتاب “عصر العلم”؟
وشرحت له محتويات الكتاب، وقال د. اكتشاف أحمد زويل لـ”الفيمتو ثانية”، وأن د. يهتم زويل الآن بدراسة تأثير هذا الوقت على الخلية.. شرحت له وهو يستمع باهتمام، حتى فاجأني بقوله:
دكتور. ولذلك ينتقل زويل من التحكم بالزمن إلى التحكم بالمكان.
فتعجبت أنا والجمهور من تلك الجملة الجامعة المحرمة كما يقول أهل المنطق.
قلت مندهشا: خلاص يا أستاذنا.
قال لي: إذن اكتب.. سأملي عليك.
فكتبت بخط يدي مقدمة نجيب محفوظ لكتاب “عصر المعرفة” ووقع الأستاذ في نهاية الصفحة بخط يده.
وبعد ساعة وصل الدكتور أحمد زويل، وأصبح لقاء السحب بين العملاقين بمثابة مشهد من خارج العصر…بعضه من الماضي القريب، وبعضه من المستقبل البعيد.. .نحن كنا في قمة عالمية بين العلم والأدب، وقضينا مائة دقيقة في التاريخ الواسع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top