ذكرى وفاة شاعر الأرض المحتلة.. كيف كانت علاقة محمود درويش بياسر عرفات؟

ويعد ياسر عرفات من أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة في القضية الفلسطينية. فهو الذي أعاد رمزية الشال الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال، والفلسطينيين الذين دافعوا عن القضية الفلسطينية بقلمهم وسلاحهم. راية واحدة.. راية منظمة التحرير التي ضمت قوى مجاهدين وسياسيين وأدباء، مثل غسان كنفاني الملقب بالأمير الأحمر، ومحمود درويش رغم شهرة كل من هؤلاء الأبطال في ميدانه فقد جلب المصير محمود معاً. درويش وياسر عرفات في مواقف مختلفة كيف كانت البداية؟

وفي النصف الثاني من عام 1972، سافر محمود إلى بيروت للعمل هناك، عندما طلبت منه منظمة التحرير العمل في مؤسساتها، فعمل رئيساً لتحرير مجلة الشؤون الفلسطينية والتحق بمركز الأبحاث الفلسطيني. والتي أصبح فيما بعد رئيساً لها، وبسبب عمله في المؤسسات الثقافية المرتبطة بالمنظمة، عرفت مع ياسر عرفات تطورت علاقتهما بشكل كبير، خاصة مع إعجاب أبو عمار بما كتبه درويش من قصائد ومقالات تتناول القضية الفلسطينية. .

في عام 1974 عرضت الأمم المتحدة على منظمة التحرير الفلسطينية فرصة ذهبية لتمثيل فلسطين في أروقتها، فاستعان ياسر عرفات بمحمود درويش لإعداد الخطاب الذي كان من المقرر أن يلقيه في المؤتمر لدرجة أنه تدرب عليه عدة مرات قبل المؤتمر مع محمود درويش. وأراد درويش في هذه الكلمة أن يضرب بعض الأمثلة التي يفخر بها الغرب، مثل نضال أوروبا ضد النازية، وثورة أميركا ضد الاحتلال. البريطانيون ليؤكدوا لهم أن نضال الفلسطينيين ليس إرهابا، كما أن حروبكم ونضالاتكم ليست إرهابا. وقد أحدث هذا الكلام ضجة في العالم، وبدأ البعض في اقتباس وتكرار بعض العبارات منه، مثل. الجملة التالية:

“لقد جئتكم بغصن زيتون وبندقية ثورية.. فلا يسقط الغصن الأخضر من يدي”.

كما كان لدرويش الفضل في تقريب عرفات من اليسار الإسرائيلي، من خلال تعريفه بالصحفي اليساري أوري أفينيري، أحد المدافعين عن الموقف الفلسطيني، في وسائل الإعلام الإسرائيلية. واعتبر الفلسطينيون هذه الخطوة بمثابة اختراق في الكيان الإسرائيلي.

ومع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، بدأ درويش بالدفاع عن المنظمة وحقها في الوجود، رغم اعتراضه على بعض ممارسات وسياسات المنظمة في بعض الأحيان، ومع استمرار الموساد في استهداف الشخصيات السياسية والأدبية الفلسطينية، ياسر عرفات ليقتل. ووضع محمود درويش على قائمة اغتيالات الموساد. ورغم إصرار عرفات على أن يتدرب درويش على السلاح ويحمله، إلا أن درويش رفض القضية رغم الصداقة. لكن الأمر الكبير الذي جمع بين درويش وعرفات لم يكن خالياً من الاختلافات. في عام 1977، نشر مركز الأبحاث الفلسطيني – برئاسة محمود درويش – مقالاً بقلم إلياس خوري. اعتراضاً على بعض سياسات منظمة التحرير، الأمر الذي أثار غضب ياسر عرفات وأتباعه، مما دفعه إلى إرسال قوة أمنية، التي اقتحمت المركز واعتقلت الياس، ما دفع محمود درويش إلى تقديم استقالته إلى المركز، وقطع علاقاته. بينه وبين ياسر عرفات لمدة 3 سنوات. وفي فترة الفتنة، أصدر درويش مجلة الكرمل التي أصبحت من أهم الأصوات المؤثرة في فلسطين.

وبعد عودة العلاقة بين عرفات ودرويش، اشتد الحصار على عرفات، خاصة مع قتاله المنشقين عن التنظيم، مما اضطر درويش إلى زيارته في تلك الفترة ودعمه قدر الإمكان.

وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، لم يتحمل درويش البقاء في بيروت، فسافر لينضم إلى رفاقه في تونس، حيث طلب منه عرفات الاستمرار في تحرير مجلة الكرمل للنشر، بغض النظر عما حدث من تطورات، والتي وجعل عرفات يعفي درويش من بعض القوانين داخل المنظمة. اختاره ليكون مستشارا له، كما طلب منه أن يكتب خطابه الذي أعلن فيه الاستقلال أمام البرلمان الجزائري، ورافقه إلى لقائه مع أ. وفد اليهود الأميركيين، وكتب له خطابه الثاني في مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في جنيف، لكن درويش قرر الابتعاد عن المنظمة شيئاً فشيئاً، بعد أن أدرك ميل صديقه إلى السلام مع إسرائيل، مما دفعه إلى الاستقالة من المنظمة عام 1993 رافضاً منصب وزير الثقافة الذي عرض عليه. لكن علاقتهما لم تنته، إذ استمرت لقاءات الثائر بالشاعر عندما سافر الأخير إلى رام الله، رغم نظراته الصامتة والعاتبية دائما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top