تاريخ العنف.. ما جرى لـ الإمام الحسن بن على.. هل مات مسمومًا؟

يمثل العنف جانبا معروفا من تاريخ البشرية لا يمكن لأحد أن ينكره، والتاريخ الإسلامي جزء من هذا التاريخ الإنساني، ففيه نقرأ قصص وقصص عن أشخاص أصبحوا ضحايا اغتيالات أو حتى عنف أخلاقي، ومن بين هذه الشخصيات هو الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقول كتاب أشهر الاغتيالات في الإسلام لخالد السعيد تحت عنوان “الحسن بن علي”:

وهو حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأول أبناء علي بن أبي طالب، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم. الرسول. ويقال أنه لم يكن أحد من العرب اسمه الحسن أو الحسين قبل ولادتهما. وانتقلت الخلافة طوعاً إلى الحسن بعد مقتل علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة 40 هـ. وبمبايعة الحسن أطاعته دول العالم الإسلامي، باستثناء الشام ومصر اللتين كانتا تحت نفوذ معاوية بن أبي سفيان، إلا أن خلافة الحسن لم تدم أكثر من ستة أشهر . حيث تنازل عنها طوعاً لحساب معاوية بعد مراسلات ومراسلات بين الاثنين مقابل ثلاثة شروط وضعها الحسن ووافق عليها معاوية.

1. تنتقل الخلافة إلى الحسن بعد وفاة معاوية، أو إلى الحسين إذا لم يكن الحسن حياً.
2. يجب على معاوية أن يدفع الديون المتراكمة على الحسن.
3. أن يضمن معاوية سلامة أنصار علي وأن لا يتعرضوا للإساءة.
وسميت سنة 41 هجرية بعام الجماعة.

….
وقد لاقى الصلح بين الحسن ومعاوية استحساناً ورضا كثير من الناس لأنه أنقذ دماء المسلمين وأعاد نسيج الأمة الذي مزقته نيران الفتن والحروب الدموية.

لكن بعض أنصار الحسن انتقدوه على تقاعسه واتهموه بالتخلي عن الخلافة لمعاوية. أفضل من الجحيم.”

فقال له رجل: السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال له: لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلك من أجل الملك. ثم أضاف: نحن أهل بيت، إذا عرفنا الحق حفظناه، وسمعت علياً يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لا تمر الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السحل، كبير الحلق، يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله إليه، ولا يموت حتى ليس له عذر في السماء ولا في الأرض. ناصر، وهو معاوية، وقد علمت أن الله قد بلغ أمره. ولا أدري هل قال الحسن هذا الكلام أم أنه وضع على لسانه؟ ولكن إذا كان ما قاله الحسن عن أبيه علي بن أبي طالب صحيحاً، فإني أتساءل: فلماذا قاتل علي عن معاوية في غزوة صفين إذا كانت الخلافة مقدرة له، كما كان علي يعلم أنها ستنتهي مع معاوية؟ ! ومن المحتمل أن يكون هناك عامل آخر وراء نزول الحسن عن الخلافة، ليس أقله رغبته في الحفاظ على دماء المسلمين، وهو خوفه من أن ينفصل عنه أهل العراق ويبتعدون عنه إذا أصبح جاد.

ولعل الهزائم التي لحقت بالحسين ومصعب بن الزبير فيما بعد لم تكن لتحدث لولا أن بعض أهل العراق ترددوا في أوقات الحاجة ودخلوا صفوفهم بسهولة من خلال التزامات أمرائهم وزعمائهم للبيع. ولذلك لما سئل الحسن ما الذي جعله يستسلم لمعاوية قال: كرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قوماً لا يثق بهم أحد إلا فتحوا. ولا يتفق أي منهما مع الآخر في رأي أو رغبة أخرى، ولا يقصد منهما خيرا أو شرا. وقد واجه والدي حالات خطيرة بينهم، فتمنيت أن يكون تفكيري في من سيصلح من بعدي. “إنها أسرع دولة في الخراب.”

وبعد اتفاقه مع معاوية، نزل الحسن وعائلته من الكوفة إلى المدينة، حيث ولد ونشأ. وربما كان الحسن يعتقد في أعماقه أن الخلافة ستعود إليه وتزحف إليه، إذ كان معاوية أكبر منه حينها بعشرين عاما، وكان أقرب إلى الموت. لكن معاوية لم يكن ليدع هذه الفرصة الفريدة تمر دون أن يستثمرها في تثبيت حكم الأمويين. لم يكن سعي معاوية للخلافة نزوة أو سعياً وراء مجد شخصي، بل أراد أن يضع عشيرته في المقدمة ويزين رأسه بتاج الخلافة، أراد معاوية أن يورث الخلافة لابنه يزيد منه، لكن وجود الحسن أعاق طموحاته وأفسد أحلامه. ولذلك لم يكن من سبيل إلى تسهيل انتقال الخلافة من الأب إلى الابن إلا بإسقاط الحسن، ولو اقتضى الأمر قتله. ولهذا وافق معاوية على إحدى زوجات الحسن واسمها جعدة. بنت الأشعث بن قيس الكندي يسمم الحسن بشرابه على مائة ألف درهم ويزوجها يزيد.
ولما مات الحسن أعطاها معاوية مالاً ولم يزوجها لابنه خوفاً من أن تسممه! ويعكس اختيار معاوية بنت الأشعث على غيرها مهارته في قراءة ما يخفى الناس ودغدغة ما يحرك أهوائهم. وأبو جعدة هو الأشعث من ملوك كندة. أسلم كرهاً في زمن النبي، ثم أسلم في زمن أبي بكر، ثم عاد فأسلم. الإسلام من الخوف. فظهر إسلام الرجل ظاهرا، ولم يغشى الإيمان روحه، ولم يشرق قلبه بنوره. أما الابنة جعدة، مثل والدها، فلا يزال لديها شوق خفي لعظمة الملك وعظمة السلطان. ولا شك أنها وجدت بزواجها من يزيد سلماً يصل بها إلى قمة المجد والملك.

وقد وردت هذه الحادثة في المصادر التاريخية والحديثية كابن عساكر في تاريخ دمشق، والسيوطي في تاريخ الخليفة، والطبراني في المعجم الكبير، وابن الأثير في أسد الشام. – غابة، والباذوري في أنساب الأشراف، وابن عبد البر في الاصطياد في معرفة السحاب، والمسعودي في مروج الذهب، و الدينوري، في الأخبار الطويلة. والأصفهاني في مقاتل الطالبان». ومن المستبعد أن يكون مؤلفو هذه الكتب قد تآمروا على تلفيق هذه التهمة على معاوية وتجريمه، خاصة أن الأخير كثيرا ما أخرج خصومه لمنافسته باستخدام السم الذي برع في صياغته طبيبه السوري ابن أثال.

ويبدو أن الحسن بعد أن اشتد مرضه واقترب من الموت، علم أن معاوية هو من سممه، لكنه لم يفصح عن ذلك خوفا من تجدد الحرب واندلاعها بين أنصاره والأمويين.

وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة السحاب ما يلي: ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين: يا أخي لقد سقيتك السم ثلاث مرات ولم لا تشربه بهذه الطريقة، سأفقد كبدي.” قال: فما سؤالك في هذا هل يأكلون لله عز وجل؟

ولما قُبض على الحسن وحمل جثته ليدفن بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، كاد أن يقع النزاع بين بني أمية وبني هاشم.

واختلف الرواة في أسباب ذلك. وقال بعضهم: إن عائشة بنت أبي بكر أذنت في دفن الحسن مع النبي، ولكن مروان بن الحكم وبنو أمية منعوا أقاربه من دفنه، ودفن عثمان في أقصى البقيع والآل. هل ينبغي أن يُدفن الحسن في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله لا يحدث ذلك أبدا وأنا أحمل السيف. فكاد الخلاف أن يندلع، وأبى أبو الحسين أن يدفنه إلا مع النبي، فقال له عبد الله بن جعفر: قد عزمت على أن لا تتكلم عن يميني كلمة. فذهب به إلى البقيع وخرج ابن الحكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top