نواصل سلسلة مقدمات الكتب ونتوقف اليوم مع كتاب “حرق الكتب.. تاريخ تدمير الكتب والمكتبات” للكاتب خالد السعيد. وماذا قال في مقدمة الكتاب؟
لم يحتوي الكتاب على مقدمة، بل احتوى على مقدمة:
مقدمة
وهذا الكتاب الذي بين أيديكم هو امتداد وإضافة لما كتبه الزميل القلم المتألق الأستاذ . ناصر الحازمي مؤلف الكتاب الشهير (حرق الكتب في التراث العربي قبل نحو خمسة عشر عاما). وأذكر أنني عندما انتهيت من قراءة كتاب الحزيمي منذ ثماني سنوات تقريباً، قلت في نفسي، وقد أعجبني الكتاب وأعجبتني فكرته: لماذا لا أكتب كتاباً كهذا؟ بقيت هذه الفكرة معي طويلا، تطفو قليلا، أنام كثيرا، تقترب مني أحيانا وتبتعد عني أحيانا أخرى، وبما أنها كانت بداية هذا العام التقويمي، عام 2017، فقد عزمت على تحويل هذه الفكرة فكرة مجردة إلى واقع ملموس.
- عيد الميلاد.. كيف ظهر الكريسماس في الروايات والكتب
- دراسة تكشف عن طقوس عبادة الإله بس من زمن الفراعنة إلى العصر الرومانى
- قصور الثقافة تواصل أنشطتها المكثفة ضمن مبادرة "أنت الحياة" بالأقصر
وكما يعلم كل من قرأ كتاب حرق الكتب في التراث العربي، فإنه يسلط الضوء على كثير من حوادث تدمير الكتب، على يد مؤلفيها أو على يد السلطات، خلال القرون الأولى للإسلام، وهكذا فإن كتابي ولا يبقى مجرد تكرار للعمل وقلس مؤسف لكتاب الأستاذ ناصر الهزيمي، فقد أخذت على عاتقي تتبع حوادث إتلاف الكتب منذ بداية الإسلام إلى يومنا هذا، و فقررت، إذ كنت سأتحدث عن حرق الكتب في أيدي أصحابها أو أعدائها، أن أتحدث عن حرق المكتبات في بلاد الإسلام. في الماضي والحاضر، وحتى تكتمل الفائدة، وتعم الفائدة، وحتى لا يبقى الحديث مقتصراً على المسلمين دون غيرهم من الأمم، سافرت من مشارق الأرض ومغاربها إلى واستمر هنا وهناك حرق الكتب والمكتبات، تلك التي حدثت في الماضي البعيد أو في الحاضر القريب.
ومن المهم أن يدرك القارئ الكريم أنني لا أقصد تتبع وحصر كل حوادث تدمير الكتب والمكتبات، سواء من قبلنا نحن المسلمين أو من قبل الشعوب الأخرى، لثلاثة أسباب، الأول: أنه من المستحيل على العالم أن يدمر الكتب والمكتبات. باحث مهما كان متفانيا وملتزما بهذه المهمة، ليلتقط كل حادثة حدثت معنا ومعهم، وتكلفة مبالغ فيها لا تبرر الفوائد المقصودة لا يمكن تحقيقه.
أما السبب الأخير فهو أنني لو جمعت كل حوادث تدمير الكتب والمكتبات لانتفخ الكتاب وأصبح منتفخًا للغاية. مما سينفر القارئ ويلهيه عن قراءته.
ستناقش في هذا الكتاب عدة قصص لكتب دمرها أصحابها لأسباب بأيديهم، وكان أبرزها إحباطهم من مجتمعاتهم التي تجاهلتهم وربما حاربتهم ولم تعطوهم الأخلاق والأخلاق. التقدير المادي لم يكن لديك يستحقون، هناك عدد لا يحصى من الكتب التي قامت السلطات السياسية أو الدينية، وفي أغلب الأحيان كلاهما معًا، بملاحقتها وتدميرها أينما وجدت بسببها… ومنها الأفكار التي تعارض الحاكم وينقلب عليه الجمهور، أو الأفكار التي . تتعارض مع المعتقدات الدينية السائدة بين الناس. وكذلك سنتناول بعض الحوادث والمصائب التي حلت بالمكتبات مثل ما حدث لمكتبة آشوربانيبال ومكتبة القسطنطينية ومكتبة الإسكندرية ودار العلم وبيت الحكمة ومكتبة الموصل وغيرها الكثير. آحرون.
وربما ستلاحظ عند مرورك بهذه المكتبات المسكونة أن الجاني عادة ما يكون دخيلاً جاء عبر الحدود ليحتل أرض خصمه. وبما أن المكتبات تشكل ذاكرة لأهل تلك الأراضي المفتوحة، فلن يكون من المستغرب أن يقوم الغازي المحتل بإشعال النار فيها ليحرق ذكرى عدوه ويذوب هويته.
- إرنست هيمنجواى.. لقب بالبابا وحصد نوبل فى الأدب وكره الشهرة
- وزير الثقافة: إطلاق موقع "توت"' يمثل رافدًا جديدًا لنشر المعرفة بطريقة مبتكرة
وينقسم الكتاب بشكل عام إلى فصلين، وكل فصل بدوره ينقسم إلى فصلين.
يتناول الفصل الأول من الفصل الأول صور الكتب المحروقة في البلاد الإسلامية، بعضها في أيدي أصحابها وأغلبها في أيدي المعارضين السياسيين أو الدينيين، أما الفصل الثاني فيأخذك عبر المكتبات الإسلام الذي تم تدميره وإحراقه على مدار أكثر من ألف عام. الفصل الأول متناثر. مع أيامنا.
أما فصله الثاني والأخير، فهو ينتقل بين محطات الزمن ليأخذك عبر مشاهد حرق المكتبات بين الأمم الأخرى في مشارق الأرض ومغاربها.