الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر، الذي توفي يوم 28 مايو 2020، هو مبدع آخر لا يشبه أحدا. فهو مدرسة بمفرده من يريد أن يعرف جزءاً مهماً من حياة محمد عفيفي مطر ورؤيته عليه… أن يقرأ كتابه الرائع “الزيارات المبكرة للدهشة”، ومن بين ما قاله فيه حديثه على الهروب من الموت كان في أ. صغر سنه بسبب طقوس والدته.
يقول محمد عفيفي مطر:
ابن لامرأتين
وكأنني رماد الطاحونة التي تحول حولها حجر الموت ليطحن إخوتي الواحد تلو الآخر. مات قبلي ثلاثة إخوة، ومات بعدي ثلاثة إخوة وأخت، وأنا أقف بين هاتين الموجتين المرتعشتين. كما يفترس الموت، يسترجع قصص من سبقني، ويبتلع أغصان من يخطفهم الموت من بين ذراعي.
- سارة القويسى تكتب عن الشاعر الهادر / الهادئ
- عمان ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب 2025.. تعرف على تجربتها فى معرض الدوحة
- كل ما تريد معرفته عن المعرض العام قبل افتتاحه الاثنين
ناضلت أمي طوال حياتها هربًا من الموت وكسر همجية اللعنة المجهولة، أو القدر القاسي، أو المعركة غير المتكافئة بينها وبين عشائر الجن والأشباح خاضتها في ظلمة الفجر. أخذتني في يدها، وفي اليد الأخرى سعفة نخل، وفي تقليد صارم. مر طريق وأدب المتسولين المحترفين عبر سبعة فصول كان لمؤلفيها اسم واحد، محمد. وبصوت أذاب القلب حزناً وصرخة شفقة. طلبت الرحمة من كل بيت التصدق على الولد الفقير عبد الله، وحددت أن تتصدق بفلس من الفضة مثقوب فيه رغيف خبز بيتنا قبل طلوع الشمس.
وأما الأرغفة فكانت طعامي لسبعة أيام لا تجمع.
- سارة القويسى تكتب عن الشاعر الهادر / الهادئ
- إعادة لوحة "المناظر الطبيعية" إلى بريطانيا بعد سرقتها بـ 4 سنوات
وفي أحد غروب الشمس أخذتني إلى امرأة في القرية لتبيعني لها لأكون ابنها من خلال بيع وتبني ثوبها العريض وأخرجتني من الذيل العريض للثوب سبع مرات وأنا نزلت صارخة فوق جسدها العاري، ثم قالت يا أمي أسرعي، هذه أمك، وكنت عندي أمانة، والآن أنا تركتني وخرجت وهي تصرخ وعلى أطراف ملابسها، بينما سحبتني المرأة الأخرى. احتفظت بي في منزلها، وبدأت تداعبني، وتضمني بين ذراعيها وتقدم لي وليمة من البيض والجبن والحليب المحلى، بينما كنت أنظر حولي وأستكشف زوايا المنزل. فأشارت إلى صبي قريب مني وقالت:
هذا أخوك متولي. سوف تنامون وتلعبون معًا، وسوف تتغلبون معًا على أي شخص يعتدي على أحدكم.
ومضى الليل وأنا أقلق وأبكي، محاولاً أن أفهم وأؤمن وأزرع مشاعر الانتماء لهذا الوطن الجديد، وأسأل نفسي: من هو أبي إذن؟
- سارة القويسى تكتب عن الشاعر الهادر / الهادئ
- ذاكرة اليوم.. الأسطول الإنجليزى يقصف الإسكندرية ورحيل محمد عبده وأوجينى
وفي الفجر قالت المرأة: اذهب إلى أمك الثانية، فمن اليوم أنت ابن كلينا.
وهكذا ولدت من امرأتين تقاسمتا قلبي وطغت على طفولتي المبكرة بظلهما الدافئ وحنانهما الغزير، لم أتردد في التنقل بينهما، وبعد أن أفلت من حيل الموت وتوسعت في الحقائق والمعاني، لكنني واصلت لأشعر بإحساس عميق بأنني كنت طفلة وجود امرأتين وعمرهما، والحداد المزدوج لموتهما.
- كل ما تريد معرفته عن المعرض العام قبل افتتاحه الاثنين
- حكاية "كتاب النبى".. اكتسح العالم بـ10 ملايين نسخة
- إعادة لوحة "المناظر الطبيعية" إلى بريطانيا بعد سرقتها بـ 4 سنوات
- عمان ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب 2025.. تعرف على تجربتها فى معرض الدوحة
- فعاليات اليوم.. انطلاق معرض محمود سعيد.. ومي كساب ضيفة معرض مكتبة الإسكندرية
- سارة القويسى تكتب عن الشاعر الهادر / الهادئ
الزيارات المبكرة المفاجئة