واحتل الإنجليز مصر وأعلنوا ذلك رسميًا في 28 يونيو 1882، لكن الأمر لم يحدث فجأة. ماذا كان وضع مصر قبل دخول جيش الاحتلال؟
يقول كتاب “قصة الاحتلال” لجمال الدين الشيال تحت عنوان:
- خالد دومة يكتب: نفس - اليوم السابع
- عزرا باوند يواجه اتهامات الخيانة.. سر علاقة ربطته بموسولينى وهمنجواي
- إيهاب توفيق يتألق في حفل "كامل العدد" على مسرح البالون
مصر قبل الاحتلال:
وتولى توفيق حكم مصر في 26 يونيو 1879، وكانت مكانة مصر الدولية في ذلك الوقت من عجائب الدنيا، فلم تكن دولة مستقلة ولا دولة تابعة لغيرها. ومن الناحية الدولية الرسمية، تعتبر بحسب معاهدة لندن عام 1840 جزءاً من أملاك الدولة العثمانية، وقد اعترفت بهذه التبعية الدول الأوروبية الكبرى، إنجلترا، روسيا، بروسيا، النمسا-المجر، وورث الخديوي السلطة لأنه من نسل محمد علي، ولم تكن له السيطرة الكاملة على شؤون مصر الداخلية والخارجية.
- عمر خيرت: الناس عرفتنى بسبب فاتن حمامة وأحب العزف أمام الجمهور
- اكتشاف مذبح نذرى من العصر الرومانى فى إسبانيا.. اعرف حكايته
- خالد دومة يكتب: نفس - اليوم السابع
ولو توقف الأمر عند حد التبعية لتركيا، لكانت المشكلة سهلة، وكان من السهل على مصر، وهي تسير في ذلك الوقت بخطوات بطيئة في اتجاه التقدم، أن تتحمل وزره. لرفع الاعتماد على كتفيه في الوقت المناسب، خاصة وأن تركيا، كما وصفها السياسيون الأوروبيون بحق، رقصت رقصة التضحية كالرجل المريض وعانت من الحشرجة.
- ورشة لتعليم الرسم على الزجاج فى مكتبة مصر الجديدة للطفل
- العثور على معبد عمره 2000 عام مغمورًا بالمياه قبالة إيطاليا
لكن الخطاب كان أسوأ. فرنسا التي قامت بمحاولتيها الفاشلتين في عهدي لويس التاسع ونابليون، وإنجلترا التي قامت بمحاولتيها الفاشلتين في عامي 1801 و1807، لم تغب بعد عن هذا الحلم القديم، حلم السيطرة على وادي النيل. ل. ، ومهّد إسماعيل بسياسته المالية الخرقاء الطريق أمام هاتين الدولتين للتدخل عمليا في شؤون مصر. ورغم هذا الاعتماد الدولي الشكلي على تركيا، فرضت الدولتان حماية شبه مشتركة على مصر عند إنشائها. نظام التحكم المزدوج. أعطى هذا النظام إنجلترا وفرنسا الحق في الإشراف الفعال على شؤون مصر المالية والإدارية. ثم تطور هذا النظام إلى تعيين وزيرين أوروبيين في الوزارة المصرية، وبذلك فقدت مصر ما كانت تتمتع به من استقلالية قليلة في إدارة شؤونها الداخلية.
فهل هذا وذاك هو كل ما أصاب مصر في أواخر القرن التاسع عشر؟
لا، لقد تعرضت لكوارث كثيرة أفقدتها قدراتها كدولة، وأفقدت المصريين كافة حقوقهم كمواطنين. كان هناك نظام قانوني مختلط، وهو أحد هدايا إسماعيل. لقد كان نظامًا غريبًا لم تعرفه أي دولة في العالم في أي وقت من التاريخ. المحاكم الأجنبية في كل شيء، في فقهها وقوانينها ولغاتها، كما أن ذلك يعد دعماً قوياً لنظام الامتيازات الأجنبية، كما أنه يفتح الباب واسعاً أمام الدول الأوروبية للتدخل في شؤون مصر المالية والإدارية والتشريعية. وبكلمة واحدة أصبحت المحاكم سلطة أقوى من الحكومة المصرية. لقد أصبحوا بالفعل دولة داخل الدولة.
- الأعلى للثقافة يكرم مثقفين مصر الحاصلين على جوائز الدولة من 2019 وحتى 2024
- ورشة لتعليم الرسم على الزجاج فى مكتبة مصر الجديدة للطفل
هذه الأوضاع الداخلية المضطربة رافقتها ومعاصرتها انتشار فكرة الاستعمار في أوروبا، وكان من علاماتها ضغوط إنجلترا وفرنسا وتدخلهما العملي السافر الذي أدى إلى خلع إسماعيل وتعيين توفيق، ثم هذا التدخل المالي والسياسي، ثم غزو فرنسا لتونس وضمها لممتلكاتها سنة 1881.
كل هذا خلق حالة نفسية جديدة في مصر والشرق الأدنى، وتحول إعجاب الشرقيين بالأوروبيين إلى شعور قوي بالسخط والكراهية والكراهية. لقد تبنّى الأوروبيون روح الكبرياء والسيطرة، واعتقدوا أنهم عنصر متفوق لهم الحق في عدم الخضوع لقوانين هذه الدول المتخلفة، ولهم الحق في تغيير قوانين مصر كما يحلو لهم. ولكن لمصلحتهم، لا لمصلحة الأرض وأهلها، بل تمادوا في غطرستهم حتى احتقروا الحكام وعاملوهم بالازدراء. ووصفوهم بأوصاف بعيدة كل البعد عن الذوق والأدب والمجاملة.
- ورشة لتعليم الرسم على الزجاج فى مكتبة مصر الجديدة للطفل
- عزرا باوند يواجه اتهامات الخيانة.. سر علاقة ربطته بموسولينى وهمنجواي
وهكذا انقلب الوضع، فبعد أن اعتبرت الامتيازات الأجنبية منحة من حكام مصر لحماية التجار الأوروبيين وتسهيل مهامهم التجارية، أصبحت في القرن التاسع عشر سلاحا قويا في أيدي هؤلاء الأوروبيين الذين كانوا يذلون الشعب. ويتحكم المصريون في كل أموالهم، ويحمون أنفسهم -كما يزعمون- من أوضاع الشرق الفاسد وظلم حكامه وسوء إدارة مسؤوليه، وهكذا يجد المصري نفسه غريبًا في بلاده، وهذا. لقد تم تمجيد الأجانب ووقفوا دائمًا عقبة في طريق أي إصلاح. لقد اعتقدوا أن كل إصلاح سيؤدي حتما إلى القضاء على مصالحهم والمكانة المتفوقة التي كانوا يتمتعون بها والأرباح التي ستدخل إلى جيوبهم، وإلى جيوبهم وحدهم.
وفي وسط هذا الظلام الحالك، أدار المصريون وجوههم في كل الاتجاهات، باحثين عن قيادة حكيمة تخرجهم من هذه المتاهة، وتفهم آلامهم، وتقدر أملهم، وترشدهم إلى الطريق الصحيح للخروج من المتاهة. تخلص من من هذا التدخل الأجنبي الذي تزداد قبضته على رقابهم يوما بعد يوم، وللتخلص من هذا الارتباك المالي الذي أنتجته سياسة إسماعيل.
- ضم جزر هاواي إلى الولايات المتحدة.. هل رفض أهلها الانضمام إلى أمريكا
- ورشة لتعليم الرسم على الزجاج فى مكتبة مصر الجديدة للطفل
- عزرا باوند يواجه اتهامات الخيانة.. سر علاقة ربطته بموسولينى وهمنجواي
وبعد ذلك، تطلع المصريون إلى قيادة بينهم تحقق آمالهم في الحرية والاستقلال. الدولة العليا التي كانت لها السيادة الاسمية كانت مشغولة بمصر ومشاكلها، وكان همها فقط استعادة سلطتها القديمة الحقيقية على مصر، صاحب العرش، رغم ذلك، كان دكتاتورياً بطبيعته ولم يفعل ذلك. لا يؤمن بصدق بالدستور أو الحياة البرلمانية أو حقوق الشعب. نتيجة التدخل الأوروبي. وبالإضافة إلى كل هذا، فهو لم يكن يثق بمعظم الرجال. الحكومة، وخاصة أولئك الذين عملوا مع والده.