صدرت مؤخراً عن دار الآن ناشرون وموزعون رواية “السيد جلجامش” للكاتب العراقي الأمريكي عمر سعيد، والتي تتناول صراع الإنسان الأبدي مع القدر وسؤال الهوية، حيث تتناول فكرة المقارنة بين وطن يئن تحت وطأة التخلف والمرض والجهل، وشتات يعيش فيه الإنسان بكل الصعوبات، لكنه يتحول إلى آلة، مثل كل من يعيش في ذلك الوطن.
تدور أحداث الرواية حول قصة البطل العراقي الأمريكي “مطر”، الذي كان محظوظاً أخيراً بأن تحولت قصته إلى فيلم سينمائي من بطولة هوليود. ويتم اختياره شخصياً كمستشار ثقافي للفيلم، ويرافق فريق العمل إلى مواقع التصوير الداخلية والخارجية، وتقرر منتجة العمل تصوير أحداث الفيلم في بلدها الأصلي، وهو ما يكتبه السيناريو .
يحرص المؤلف على الموازية بين خط الرواية وخط الفيلم لتحقيق نفس الهدف. سؤال الهوية وسر الموت الذي لم يتوصل أحد له بإجابة شافية. وترتكز فكرة الفيلم على سعي جلجامش للحصول على عشبة الخلود، معتقدًا أنه قادر على إنقاذ صديقه “إنكيدو” من الموت. ، أو حتى أنه سيضمن لنفسه الخلود، ويظهر اهتمامه بمسألة الموت في حواره مع معالجه النفسي البطثاني، فيقول: “الموت يا بطثاني محرك الحضارات الإنسانية معنى الحياة.. .الموت إنها سمة إنسانية.” خالصًا، كل المخلوقات تموت ما عدا الإنسان!»
وقرب النهاية يؤكد الروائي أن الخلود فكرة موجودة في ذهن الإنسان منذ القدم وحتى نهاية الزمان، وأنه يجب عليه أن يعيش بطعم الخلود، حتى لو سيموت غداً. يقول المؤلف واصفًا ما يشعر به “مطر”: “وبالفعل، شعر بجلجامش يعود في دمه، بعد خمس سنوات”. “آلاف السنين.”
نقرأ على الغلاف الأخير: “كل صراعات الحياة هراء، الصراع من أجل الأرض والوجود والحب والخيانة، حتى الصراع مع الزمن، كلها ترف مقارنة بالصراع من أجل البقاء، الرغبة في البقاء. ومن ثم فإن عدم القدرة على الاستمرار هو أمر مثير للسخرية، أن يموت الجسد رغم اتخاذ جميع الاحتياطات، فيقتل الفكر بذلك رغما عنه، وهو تبادل غير عادل. ولعل هذا هو سبب ظهور الفكرة. الروح، فكرة أن شيئًا منك سيبقى حتى عندما يتحلل لحمك وتتحلل عظامك، فكرة تسهل عليك مواجهة النهاية، والتي من أجلها قضيت عشرات السنين على قمة جبل تستطيع أن تتعبد أو تقدم القرابين و القرابين لجذع شجرة، فكرة تتجسد في زنبقة، علامة أو طلسم، أي شيء يجعلنا نعتقد أننا هنا لنبقى، فنقبل أن يكون له الطعم الأخير، طعم ال موت أشعر أن العالم هو الكلمات التي… اخترعناها وهم الحروف المتقاطعة لتخلق لنا معنى عند الموت تختلط الحروف وتهرب المعاني من الكلمات، فيصبح العالم شيئاً آخر بأعظم الرعب والغرابة.”