محمد حسين هيكل وشعائر الحج.. التروية ووقفة عرفات بكتاب "في منزل الوحى"

تناول الأديب الكبير الراحل محمد حسين هيكل يوم التروية ووقفة عرفة ومناسك الحج في كتابه في بيت الوحي وهو كتاب صدرت طبعته الأولى عام 1936 عن دار المعارف في 540 صفحة. يقدم لنا المؤلف وثيقة تاريخية وأدبية غزيرة ذات معانٍ عظيمة وروحانية عالية تسمو بالروح، لنتعامل معها أسوة بالنبي وأصحابه تجاوز

يقول: أصبحت يوم الاثنين الثامن من ذي الحجة، يوم التروية، ففكرت بعرفة، فذهبت إلى هناك محرماً، وباتت هناك، وأديت فريضة الحج هناك، ونزلت من هناك إلى الحرم الشريف. بمزدلفة، وإلى الصخور بمنى، ثم يكمل طواف الحج حول الكعبة وسعيه بين الصفا والمروة، فأقوم بالفريضة الخامسة من الدين الحنيف، والناس، فلا تظنوا التروية اليوم، بجلب الماء إلى عرفات ليستقي منه يوم القيامة. ووقفوا فيها، ولم يفكروا في الري، إذ أتاحت لهم عين زبيدة ما أرادوا من الماء.

هناك فرق بين الفرحة والسعادة التي شعرت بها أثناء التفكير في الإحرام بعرفة، وبين ما كنت أخشاه قبل مغادرة مصر من تأثير الإحرام وأداء المناسك على صحتي. ومنذ فجر ذلك اليوم كنت راضيًا بالحياة وبنفسي، وأشعر بفرح في روحي وسلام في قلبي. مع شعوري العميق بعظمة هذه الفريضة التي يسر الله عليّ القيام بها، واثقًا أنني سأرى خلالها علامات حكمته التي تزيد كل مؤمن إيمانًا وثباتًا. تصورت أمام ذهني هذا الجبل المقدس، قمته الفسيحة، وتجمع عشرات الآلاف من المسلمين هناك، يهتفون ويستجيبون، بقلوب طهرت بصدق صدق أيامهم الماضية، وفي مقدمتهم الاجتماع، قادت زملائها المؤمنين على الطريق المقدس إلى الخير، وفتحت أمامها أبواباً جديدة. حياة ترتقي بها بفضل إيمانها وصدق توجهها إلى أعلى مراتب البشرية الرفيعة، مراتب الصالحين والأقربين والأبرار الذين يخافون الله ولا يخافون غيره، و وليس لومة لائم في الحق والخير والعدل.

بقيت لأجهز أغراضي حتى الظهر بقليل، ثم غادرت المنزل إلى القصر الملكي للحصول على موعد مع جلالته، وهو قصر حديث البناء ليقيم فيه ابن سعود ما دام في مكة أقام قبل الحج. وبعد، وهي واسعة وبسيطة المظهر، تجمع بين روعة الملكية وأسلوب العروبة القريب من البداوة. ، أول ما تدخل من بابه هو حديقة مليئة بالنباتات. صغيرة، ثم يمر عبر ممرات مغطاة بالحصى إلى قاعات بسيطة في أثاثها وهندستها المعمارية رغم اتساعها وكثرة نوافذها. ويواجه القصر جبل زرود الواقع بالقرب من حراء أو جبل النور كما يسمونه اليوم. من نور الوحي الأول الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار في قمته، فوق زرود قلعة تحمي مقر الملك أثناء إقامته في أم الجميع . – كورا.

واجهت صعوبة في الوصول إلى قصر الملك والعودة منه، وهو الأمر الذي لم أواجهه على طريق مكة عندما قمت بجولة هناك في اليوم السابق. وطريق القصر الملكي كما ذكرت هو الطريق من منى، وهذا اليوم هو يوم التروية، حيث يصعد جميع الحجاج إلى منى وإلى عرفات من هذا الطريق، وأغلبهم يركبون الجمال. لأنه من الأسهل على معظم الناس الإنفاق عليه، ولأن ركوبه أصعب من ركوب السيارات. ولذلك فهو عند جماعة من المسلمين أعظم الأجر من الله. ولذلك امتلأت طرقات مكة في ذلك الوقت بقوافل الإبل، يحملها من يركبها بمختلف ألوانها وأشكالها من مدافع الهاوتزر والخرج، وبعضها يسير جنبا إلى جنب عندما يكون الطريق خاليا، ويتبع بعضها بعضا. الطرق الضيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top