ذكرى وفاة نجيب الريحاني.. ماذا جاء فى مذكراته عن كشكش بك؟

اليوم ذكرى وفاة الممثل الكوميدي الكبير نجيب الريحاني، الذي توفي في مثل هذا اليوم 8 يونيو سنة 1949. وكان يعتبر أحد رواد الفن المصري والعربي في النصف الأول من القرن العشرين. اشتهر بشخصية “كشكيش بيه”. قدم العديد من المسرحيات والأفلام، منها فيلم “غزل البنات” الذي اختير تاسع أفضل فيلم في تاريخ السينما المصرية، ونقدم لكم ما جاء في مذكراته عن كاشكيش بك.

يقول نجيب الريحاني في مذكراته “مذكرات نجيب الريحاني” تحت عنوان كشكش بك: ذات ليلة استلقيت على السرير واستعرضت أمام مخيلتي كل التجارب التي مررت بها، حلوها ومرها. ، ووقفت أمام الكثير منهم واستنتجت ما يتبعهم من خير أو شر، وفجأة وجدت موضوعات. إنها الترجمة الحقيقية للحياة التي نقضيها في هذا العالم المضطرب.

وفي فجر تلك الليلة، ولا أعلم هل كنت نائماً أم مستيقظاً في تلك اللحظة، لكن ما أستطيع تأكيده هو أنني رأيت بعيني ظلاً شبحياً، يرتدي رداءً وقفطاناً وعمامة ريفية كبيرة. على رأسه، فقلت لنفسي. ماذا لو أحضرنا شخصية كهذه وجعلناها عماد رواياتنا؟

ولم أحضر في نفس اللحظة، وكانت الساعة الخامسة صباحًا، فقمت من سريري وأيقظت أخي الأصغر، وكان خير عون وعون لي، وخرجت لأملي عليّ ما يلي: له بنية الموضوع الذي عزمت على إنتاجه، وهو أن عمدة من الريف جاء إلى مصر ومعه أموال كثيرة، فالتف حوله مجموعة من أهل الخير ضيعوا ماله وتركوه في الحديدة. عاد إلى قريته وهو يصر على أسنانه ويقسم بإيمان قوي أنه سيعود إلى رشده ولن يكرر ما فعله.

عندما كان خواجة روساتي، صاحب ملهى “الأبه دي روز” على وشك الإفلاس وإغلاق “النادي”، اقتربت منه وطلبت منه تأجيل “الحكم” لبضعة أيام، لذلك بأنني أستطيع أن أكتب رواية قد تكون علاجاً للإكتئاب!!

قبل الرجل ما اقترحته عليه، فكتبت رواية كاشكيش بك الأولى. لقد كانت قصة كوميدية مدتها عشرين دقيقة، والموضوع كما ذكرت، وسمينا الرواية “تعال إلي يا بطة”.

بعد ظهر يوم الافتتاح أجرينا البروفة الأخيرة، وشعرت في ذلك الوقت أن روايتي هذه تعتبر مثالا عاليا للسخافة، وأنني لو كنت بين الجمهور أثناء عرضها لما تمكنت من ذلك. لا يسعني إلا أن ألعن المؤلف، والمؤلف هو أنا بالطبع، والمخرج هو أنا أيضًا، والملحن… وأنا أيضًا! فقلت يا سقوطي يا قلبي وأمسكت قلبي بيدي منذ تلك اللحظة حتى مساء اليوم المذكور حيث ذهبت إلى المسرح سجيناً متشرداً ولم تتحمل قدماي

جلست أمام المرآة، ووضعت “مكياجًا” لنفسي ووضعت “كشكشة ذقنك” لأول مرة. أنهيت مهمتي ونظرت إلى شكلي في المرآة، ولا أنكر عليك عزيزي القارئ أنني رأيت وجهاً “فنياً” يطابق الشخصية التي رسمتها في مخيلتي.. شخصية البلد الساذج العمدة الذي شوه الزمن عمره، وما زالت أشعة السحر تظهر في عينيه.

توكلنا على الله ورفعنا الستار وصعدت على المسرح بسترتي وقفطاني ويا قاتل يا مقتول!! لقد كنت مضطربًا بطبيعتي، وتخيلت مصيرًا سيئًا إذا كان مقدرًا لنا أن نسقط ونفشل. إذن أين أذهب؟ من أين لي الأربعين قرشاً التي أحصل عليها عن كل مساء، والتي تحميني من هموم الزمن وصعوبات الحدثين؟

وانتهى التمثيل ولا أدري والله العظيم انتهى على أية حال؟ هل نجحت الرواية أم فشلت؟ فهل نالت قبولاً من مخرجنا العزيز خواجة روساتي، أم أنها سببت له امتعاضاً يفوق “الاشمئزاز” الذي كان يشعر به؟!

مذكرات نجيب الريحاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top