بورتريه.. قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر

كانت الساعة الواحدة والنصف صباحًا عندما دخل غرفته ولم يصدر أي ضجيج. لم يكن يريد إيقاظ والدته التي كانت نائمة في الغرفة المجاورة.

حسنًا، الجميع يعلم أنها لم تكن لتنام أثناء وجوده بالخارج!!

ألقى بثقله على السرير، محدقًا في الفراغ، متذكرًا ما حدث بينهما ذلك الصباح.

“ما زلت أحبه بشدة!” قالت هذا، وصوتها يختنق بتعبير مفاجئ ملأ مقلتيها في غضون ثوان…

تجاهلت ذلك، وأضافت بصوت مكسور: “أنا آسفة حقًا”.

“لا داعي للأسف..” قال وهو يضع يده على كتفها بشكل عرضي ليهدئها دون أن تشعر.. كان يعني ما قاله..

يشعر بثقل في رأسه..

كان يراها كل صباح في حانة الكلية.. كانت تجلس دائمًا بمفردها، على نفس الطاولة.. تطلب نفس نوع القهوة ولا تشربها.. تستيقظ بعد السيجارة الرابعة بالضبط. ويختفي في الممرات..

حاول العثور على أي شيء عنها على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن دون جدوى، كيف يمكن لشخص أن يكون متكتما إلى هذا الحد إلى حد مخيف ومؤلم.

أتساءل ما هذا الشيء الذي يشغل بالها؟ يبدو أن الفكرة الجامحة لا تتوقف أبدًا عن النمو خلف تلك العيون البنية النائمة. تحتوي على أكثر من مجرد كلمات… فهي بمثابة كتابها المقدس لكل ما لا ينبغي أن يقال!

“معذرة،” قال أخيرًا بعد أن استجمع كل ما تبقى من شجاعة وأشار إلى الولاعة على الطاولة.

سلمتها له وتمتمت بهدوء: “بالطبع كانت تعرف بالفطرة الأنثوية أنه لا يحتاج إليها”.

“هل سنذهب إلى نفس الفصل؟ تبدو مألوفًا.”

“لا… لن أذهب إلى هذه الكلية.” صمتت لحظة، ثم واصلت دون أن تنظر إليه… وكأنها لا تعلم بوجوده… وكأنه لا أحد. …

“أنا أنتظر شخص ما هنا”

اللعنة! إذن فهي تواعد شخصًا ما… لكن لم يلاحظها أحد مع أحد! غريب..أيضا..

قالت وهي تلعثمت بابتسامة مشوشة: “أنا أنتظر من لن يأتي.. رحل فجأة دون سابق إنذار.. رحل ووعدني بلقائي في هذا المكان”. .

اقتربت منها فشعر بمزيج من خيبة الأمل والفضول والغيرة، وبدا أن الأخيرة تغلبت عليه!

كيف لحاضر غائب أن يملك كل هذه السلطة على قلب إنسان؟؟ كيف؟؟ لم يكن في الاعتبار اصلا؟؟ فكيف ينافس رجل ميت على حب امرأة !!

استيقظ على صوت الولاعة وهي تشعل سيجارتها الرابعة والأخيرة…

يتمتم في مكانه قبل أن يقف ويتمتم : مش عدل !!

التفت نحوها… ولم تنتبه حتى إلى رحيله… وكأنها لا تدرك وجوده… وكأن لا أحد هناك…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top