ما يقوله التراث الإسلامي.. أين موضع هبوط آدم وحواء بالأرض

ماذا حدث لسيدنا آدم عليه السلام عندما خرج من الجنة؟ وهذا ما نتعرف عليه مع ابن الأثير الجوزي في كتابه “الكامل في التاريخ”:

يقول الكتاب:

أذكر المكان الذي نزل فيه آدم وحواء من الأرض

وقيل: ثم أرسل الله عز وجل آدم قبل غروب شمس يوم خلقه وهو يوم الجمعة مع زوجته حواء من السماء، وقال علي وابن عباس وقتادة وأبو العالية: أرسل إلى الهند. على جبل يقال له نود من أرض سرنديب، وقالت حواء بجدة: فأتاها، فكلما وطأت قدمه مكانا صار قرية، وليس بينهما عبور. خطوته، فمشى حتى أتى على قوم، فركضت إليه حواء. ولهذا سميت مزدلفة، واجتمعوا عرفات، فسمي عرفات، واجتمعوا جمعا، فسمي جمعا، ونزل الثعبان بأصفهان، وإبليس بميسان، وقيل: نزل آدم في الصحراء، وإبليس في إبليس.

قال أبو جعفر: صحة هذا شيء لا يعرف صحته إلا من أخبار تأتي بالدليل، ولا نعلم عنه خبرا إلا ما روي عن نزول آدم بالهند، فإنه شيء قرره الشرع. لا يؤكد العلماء صحتها.

قال ابن عباس: لما نزل آدم على جبل نود، كانت قدماه في الأرض، ورأسه في الهواء، وهو يسمع تسبيح الملائكة، فخافت منه، فسألت الله أن يخفف من طوله. وخفض طوله إلى ستين ذراعا فحزن آدم على ما فاته لأنه كان مطلعا على أصوات الملائكة وتسبيحهم، ولذلك قال: يا رب، كنت جارك، ليس لي سيد أدخلتني فيه جنتك. أستطيع أن آكل منه أينما أريد، ثم أنزلتني إلى الجبل المقدس، فأسمع الأصوات. وجدت أنا والملائكة ريح الجنة، فخفضني إلى ستين ذراعا. فانقطع صوتي وبصري، وأجاب مني رائحة الجنة: بمعصيتك يا آدم فعلت بك هذا.

ولما رأى الله تعالى عورة آدم وحواء، أمره بذبح كبش من الغنم الثمانية التي أرسلها الله من الجنة. فأخذ كبشا فذبحه، وغزلته حواء، ونسجه آدم، فصنع له عباءة، وحواء درعا وخمارا، فلبسوهما.

وقيل: بعث إليهم ملكا يعلمهم ما يلبسون من جلود الغنم والبقر، وقيل: كانت هذه ثياب أولاده، وأما هو وحواد فكانت ثيابهما مما يصنعان. ل. ورق الجنة، فأوحى الله إلى آدم: أن لي حرماً إلى جوار عرشي، فاذهب وابن لي فيه بيتاً، ثم أحيط به، كما رأيت ملائكتي تحيط بعرشي، هناك سأجيبك وأولادك، فمن أطاعني منهم، فقال آدم: يا رب كيف أفعل هذا، لا أقدر عليه. فوكل الله ملكا وأخذه إلى مكة نحن هنا فقال الملك: بني مكانك حتى قدم مكة، إلا ذلك، فبنى البيت من خمسة جبال: من طور سيناء، طور الزيتون، لبنان. والجودي، وبنى أساساته من حراء؛ ولما انتهى من بنائه أخذه الملك إلى عرفات وزاره بالمناسك التي يمارسها الناس اليوم. وبعد ذلك قدمه إلى مكة فطاف حول الكعبة أسبوعاً، ثم عاد إلى الهند فمات بالنود.

وعلى هذا القول نزلت حواء وآدم جميعا، وآدم هو الذي بنى البيت. وهذا مخالف لما نقول منه: أن البيت نزل من السماء. وقيل: حج آدم أربعين حجاً من الهند ماشياً، فلما نزل الهند وعلى رأسه إكليل من شجر الجنة أنواع الطيب بالهند، وقيل: إنما كان الطيب من ورق آدم. وألصقت حواء عليهم.

وقيل: لما أمر بالخروج من الجنة، لم يمر على شجرة إلا أخذ منها غصناً فأخفضه، وكانت تلك الأغصان معه، فكان أصل الطيب في الهند منها، وقيل: رزقه الله من ثمار الجنة، فثمرتنا هذه منها، إلا أن هذا يتغير وهذا لا يتغير، وعلمه صنعة كل شيء، وهو من طيب الجنة. فنزل منه الحجر الأسود، وهو أشد بياضا من الثلج، وهو من ياقوتة الجنة، ونزلت به عصا موسى، وهي الآس. الجنة والبخور، ثم أنزل الرافعة والمطرقة والكلبتين.

وكان حسن الصورة، ولم يكن أحد من بنيه يشبهه إلا يوسف جبريل أرسل إليه حزمة قمح، فقال آدم: ما هذا؟ قال: هذا الذي أخرجك من الجنة. قال: فماذا أصنع به؟ قال: انثره في الأرض، ففعل، وأنبته الله في غير وقته، ثم حصده، وجمعه، ودلكه، ونثره، وطحنه، وعجنه، وخبزه، كل هذا به تعليم جبريل، وجمع له جبريل الحجارة والحديد، فجعلها في قصعة، فخرجت منها نار، وعلمه جبريل صنعة الحديد والحراثة، وثورا أرسله، وكان يحرث دائمًا. وقد قيل أن هذا هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى عندما قال: (بل ليخرجنكما من الجنة وتكون شقيا) طه: 20: 117.

ثم أنزل الله آدم من الجبل، وملك الأرض وما عليها من الجن والحيوانات والطيور وغيرها. فشكى إلى الله عز وجل فقال: يا رب أليس على هذه الأرض من يسبحك غيري؟ ثم قال الله تعالى: لأخرجن من أهلك من يكرمني ويحمدني، وأجعل فيهم بيوتا ترفع في ذكري، وأجعل فيهم بيتا أتميز به. كرامتي وسميه بيتي واجعله حرماً آمناً، فمن حرمه من قدسي فقد نال شرفي، ومن خاف فيه أهله فقد خان حقي وحل بقدسي. فمن قبله ولم يرد غيره فقد أتاني وزارني واستضافني، وهو أحق بي، والكريم يكرم وفده وضيوفه ويرزق كل واحد منهم. أنت يا آدم ستسكنها ما حييت، ثم تسكنها الأمم والأعمار والأنبياء من ذريتك أمة بعد أمة، ثم أمر آدم أن يأتي بيت المقدس، وياقوتة واحدة من الجنة نزلت، وقيل: لؤلؤة واحدة، فبقيت كذلك حتى أغرق الله قوم نوح، فرفعت وبقي أساسها، فأعطاها الله لإبراهيم، صلى الله عليه وسلم، وبناه كما نسميه إن شاء الله تعالى.

ومشى آدم إلى البيت ليحج ويتوب هناك، وبكى هو وحواء على خطيئتهما وما فاتهما من نعيم الجنة مائتي عام، لم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما، ولم يشربا. فأكلوا ثم شربوا، وبقي آدم مائة عام لم يقترب من حواء، فحج في بيته، فتلقى آدم كلمات من ربه فتاب عليه، ما يقول تعالى: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) الأعراف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top