سر بيع محمود السعدني لكتبه بالمدرسة وسرقة الخنازير وقصة عقدته من التوأمين

اليوم ذكرى رحيل الصحفي محمود السعدني، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 4 مايو 2010، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من كتاباته بالصحف والمجلات التي نشرت في شارع محمد علي بالقاهرة، وخلال فترة كتبه تدوين حياته في مذكرات بعنوان “الولد الشرير” والتي تحتوي على العديد من المواقف والأحداث والتي سنستعرضها في السطور التالية هي قصته بيع الكتب المدرسية وسرقة الخنازير.

في مذكرات الكاتب الراحل محمود السعدني «الولد الشرير» المليئة بالقصص المضحكة، تقرأ عبر سطوره قصة بيع كتبه لدخول السينما، وكيف فكر في سرقة دار السينما. كتب من زملائه في المدرسة لأنه لم يتمكن من مواجهة عائلته بشأن ذلك.

يحكي الكاتب الكبير محمود السعدني ويقول: مشكلة الكتب التي بعناها لمشاهدة السينما. أموالنا لم تساعدنا على شراء الكتب، ولم تكن لدينا الشجاعة لنخبر أهالينا بحقيقة الأمر، ولم يكن أمامنا إلا أن نسرق هذه الكتب من الطلاب في الفصل، ووصلنا إلى موقف غريب الحقيقة هي أنه لا يوجد أحد في صفنا يستحق ذلك. كانوا جميعا مثلنا، أبناء العمال والموظفين الشباب، لذلك تحول بحثنا إلى السنة الثانية، التي شملت التوائم الذين كانوا متشابهين جدا، شغوفين جدا بالدراسة وممتازين للغاية. بشرتهم بيضاء، وعيونهم زرقاء، وشعرهم أصفر، ولا يخالطون أحداً من طلاب المدرسة، كأننا عقارب أو خنافس أو ذباب. كانت كتبهم دائما نظيفة ومليئة دائما بالخطوط الزرقاء والحمراء تحت السطور، وفي الهوامش كانت هناك ملاحظات وتعليمات. التوأم كانا قدوة في المدرسة فإذا أراد مدير المدرسة أن يوبخ طلاب المدرسة بأكملها على قذارتهم، استشهد بنظافة التوأم. إذا أراد أن ينتقدنا من أجل وطننا فهو أفضل من التوائم وإذا أراد أن ينصحنا بعدم الشقاوة، نصحنا أن نتصرف كالتوأم. لقد كرهناهم جميعًا. فلنؤكد تفوقنا العضلي عليهم، ولنهزمهم في ميدان غير النظافة والدراسة والسلوك! بقي هذان التوأم جنبًا إلى جنب خلال جميع مراحل الدراسة الابتدائية والثانوية ثم إلى كلية الطب. وهما الآن طبيبان ناجحان يعملان معًا في عيادة واحدة في القاهرة. إنهم عباقرة في الطب، لكن ليس في رؤوسهم شيء من الطب والتطورات الطبية.

والأهم أننا اتفقنا على سرقة التوأم وسنقوم بترتيب الأمر. ليبدو كل شيء طبيعياً حتى لا يتكرر نفس المشهد الذي حدث بعد جنازة الملك فؤاد، لكن… عندما جاء يوم إصلاحنا للسرقة، حدث شيء غريب!

كانت مدرستي دار الأيتام في الجيزة، وكانت تبعد عن منزلي خمسة كيلومترات، وكانت تقع على أطراف المزارع، في منطقة مقفرة تتخللها المستنقعات والبرك ومساحات شاسعة من الأراضي الفارغة. وفي هذه المساحات الخالية إلا من الأوساخ وأكوام القمامة، استطاع مليونير يوناني أن يجمع ثروة تقدر بملايين الجنيهات، ويصبح أحد بارونات العصر، وكان له عدة قصور في القاهرة والريف، و عدة جزر في اليونان.

وصل الرجل اليوناني في مطلع القرن، فقيرًا وغير قادر على شراء شطيرة. فزاد وزنهم وتكاثروا حتى أصبح عددهم بالملايين. جابت قطعان الخنازير الجيزة، واتسعت منطقة الخراب إلى الشوارع والأحياء، وانتشرت أكثر فدخلت المنازل واقتحمت المحلات التجارية وحملت معها الجراثيم وأصبحت وباء يهدد الجيزة بأكملها تجرأ أهل الجيزة على ذلك المتمردون على الرجل اليوناني وحلفائه، تتدخل الشرطة وتعتقل الرجل. يلقيه الثوري في السجن بتهمة السرقة.

ولم يكن الرجل اليوناني يخشى إيذاء قطيع الخنازير، إذ لم يكن لحم الخنزير يؤكل في الجيزة. ولهذا ظل الخواجة في قصره على النيل بالزمالك يتواصل هاتفيا مع عمدة الجيزة عندما اندلعت ثورة في أحد الأهالي وأصاب خنزيرا بالطوب أو ركله بحذاء!

في ذلك اليوم البعيد الذي اتفقنا فيه على سرقة التوأم، خرجت من منزلي مع غزالة، وخاضت في طين الجيزة واقتحمت أنقاض المدرسة من أجلنا: اسرق خروفًا من هذا الخروف واقوده إلى المدرسة بعد ذلك. اتخاذ خطوة واحدة إلى الأمام؛ فاختار الغزالي نصفًا آخر يركب على ظهره، ولأول مرة ذهبنا إلى المدرسة راكبين أي شيء سوى الأقدام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top