خالد دومة يكتب: الراعية “5” – اليوم السابع

عصا…

كلمة قد لا تعني الكثير. إنها مجرد كلمة، بضعة أحرف، تمر على الأذنين دون أن تجعلها ذات أهمية. لكن عصا الراعي هي جزء من شخصيته، من وجوده للعالم، وهي في يده ولم تفارقه أبدًا، وكان أنيقًا في اختيارها. فهي ليست مجرد غابة أو غابة بالنسبة له، بل هي كائن حي يرافقه ولا يستطيع الاستغناء عنه، حتى عندما ينام أو في المساء تكون عند رأسه ما يراه قبل أن ينام، وأول ما يراه يرى صباحاً، فلا يصحب عصا وسلاماً، ولكن يجب أن يكون أهلاً للصحبة.

كان والدي يعلم إخوتي دائمًا كيف تمسك به حتى لو حدث طارئ، كيف تضربه دون أن تقتله أو تجرحه إصابة خطيرة، اضربه تحت إبطك، وفوق المرساة، حتى رقصهم كيف يرقصون به، تهطيب و دفاع وكثير من الأشياء التي نسيتها أنا الفتاة كنت أشاهدها وأتأملها من بعيد، لكن عندما كنت وحدي كان لدي ما علمه والدي لإخوتي، طبقته دون أحد. يعرف.

كنت أنام جيدا، أنام قليلا، ثم أحفز نفسي بهذا التمرين، حتى كان والدي أو أخي أيضا يحب العصا، وعندما ذهبت إلى الجامعة اشتقت إليها، واشتاقت يدي إليها، فلعبت بالقلم كأنه عصا في وحدتي بعد أن رفعت أيدي البنات عن كل واحد فينا وهو العصا التي ألقيت على السطح لتجفف عصاه وصنعها أيضا وتقويتها حتى أصبحت مناسبة لجميع الظروف والوظائف. نختار الطيبين، ونطعم الضعفاء، الذين لا يصلحون لشيء، نسخن بهم التنور، أو نخدمهم على الموقد، نطبخ عليهم طعامنا، أو نضع بجانبهم نارًا صغيرة، الذي تصنع فيه أمي الشاي لأبي.

العصا القوية الصلبة التي تصلح لجميع الأغراض أخذها والدي رغم أن كل شيء كان مميزا. كانت حصته دائما كبيرة، وكنا نأكل ما بقي من الطعام الوظيفة الرئيسية لعصا والدي، لتنزل فوق أجسادنا، فتحنا الباب. مع ذلك يومنا، كل يوم، حتى اعتدنا على عصا أبي، والتلال، كل محاصيل عصا أبي التي لا تهدأ أبدًا.

كان والدي وأخواتي أصحاب عصا بالنسبة لهم، كانت العصا تعني لهم الكثير مما ذكرته، ما استخدمه من مهارة في ترسانته، وكانت العصا تتناغم مع لحن مزمار أبو جميل، وكانت الأعراس ملتقى أرواحهم، أو منفذهم إلى عالم الجسد والرغبات، والبحث عن الطعام، وما يديم الحب، كما نحتاج إلى ما يديم الروح. أتذكر كلمات الشعر، وكان الجميع يفرح بها، أحياناً على أنغام الربابة، وأحياناً على الناي، والعود. وكان الرجال مولعين بحفظ الشعر، فيحفظونه كأنه يخدر أعصابهم ويخدر عقولهم، وإذا كان أحدهم بمفرده ويدندن، فهل هؤلاء كانوا أغاني الرعاة، التي تملأ الأفق، تريحهم عن الوحدة، هذه الأغاني التي تشاركهم الهدوء، الشاعر الشجاع، تهدئهم. الخيال الفارس الذي يدافع عن الأرض والعرض ملأ قلوبهم. ذهبت عندما كنت صغيرا مع والدي. أحيانا كنت أستمع للشاعر والأغاني فكانت تمس القلوب، حتى قلوب الأطفال الذين نادرا ما يفهمون الكلمات والألحان شاهدتها ورأيت أثرها على كل وجه، الغابات الواسعة والأغنام تتجول في مراعيها، و نظرت إلى الأفق البعيد فإذا كان قريباً لمسته بيديك تستمتع بنعومته ونعومته، لأنه قريب من القلب تراه بعينيها، استشعرها بمعصمها، ولا يوجد سوى الأغاني والألحان التي تذكرك بذاكرتك. لديك مصلحة في الحياة، وعندما كبرت استمعنا إليها في الخفاء، من خلف الأبواب المغلقة، ممنوع على النساء، ومباح للرجال الأقوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top