تفسير القرآن.. ما قاله القرطبى فى "إن الإنسان لربه لكنود"

واليوم نواصل الوقوف مع كلام الإمام القرطبي في تفسيره المعروف بـ “الذي يجمع أحكام القرآن ويبين ما فيه من السنة والفرقان”، ونقرأ ما قاله في تفسير سورة العاديات في الآية 6 (إِنَّ الْإِنْسَانَ كَانَ مِنْ رَبِّهِ مَعِيذاً).

يقول الله تعالى: الإنسان لربه مخلص
هذا هو جواب الدائرة؛ ومن طبيعة الإنسان جحود النعم، قال: اللكنود يكفر نعم الله ويكفرها. وكذا قال الحسن، وقال: يذكر البلاء، وينسى النعم. فأخذها الشاعر ونظمها:
يا من تظلمون في أعمالكم، ويعود الظلم على من ظلم، إلى متى وإلى متى؟
تشكو المصائب وتنسى النعم!
وعن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “الكنود الذي يأكل وحده، ويمنع دعوته، ويضرب عبده”. وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أنبئكم بشركم؟» قالوا: نعم يا رسول الله، قال: «من نزل وحده، ومنع نصرته، ودهن عبده» أخرجه الترمذي والحاكم، فقد أدخلهم في نوادر الأصول، وهو أيضا عن حديث صحيح. عن ابن عباس أنه قال: الكنود، بلسان كندة وحضرموت: العاصي، ولسان ربيعة ومضر: الكافر، ولسان كنانة: الجشعة، السيئة، الملكة؛ وقال محارب: قال الشاعر:
عبد أكرم الناس، ومن كان عبدا لأكرم الناس يُبعد
أي جاحد. ثم قيل: هو الذي لا يؤمن بالقليل. وقيل: من أنكر الحق. وقال إبراهيم بن حرمة الشاعر: دع الجشعين وإن كانوا متكبرين ومنفرين، وذكرى الطمع الكنود الغاني.
وقيل: الكنود: لمن يقطعه، كأنه يقطع ما يجب أن يستمر بالشكر، وقيل: حبل الحبل: إذا قاطعه، قال الأعشى:
أميتي حزينة على وصول حبال وكانادا
وهذا يدل على الانفصال، ويقال: كوند ياكند كنادة: أي الكفر بالنعمة وجحدها، فهو كنادية، والمرأة كنادية أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top