لم يكن عميد الأدب العربي كاتباً أو مفكراً فحسب، بل استطاع أن يؤثر في الحركة الأدبية الحديثة، ولم يقتصر الأمر في مصر على الحداثة في الأدب العربي الحديث، بل أصبح من رواد التنوير وأصبح معروفاً على نطاق واسع، وإلى جانب إثراء المكتبة العربية وله أعمال كثيرة، وله مجموعة من الترجمات المختلفة والمتنوعة.
وبعد أن درس طه حسين بانتظام في مونبلييه ثم في السوربون، أتقن اللغة الفرنسية ثم بدأ في تعلم اللاتينية واللغات اليونانية القديمة حتى أتقنها، وأحسن الأدب والفكر في هذه اللغات الثلاث. ورأى أن النهضة الأدبية لا يمكن أن تتحقق دون العودة إلى الأدب القديم والوقوف على حاله. تعرف عليها، وتذوق أساليب البلاغة، وتعرف على اتجاهاتها.
وكانت إحدى دعواته عندما عاد إلى مصر أن يحاول نشر الثقافة اليونانية وجعلها في متناول النفس ومحبوبة. على قائمة الكتب الأكثر مبيعا، حيث ترجم كتاب “نظام الأثينيين” من اللغة اليونانية لتأليف أرسطو طاليس، وترجم من اللغة اليونانية القديمة “من الأدب التمثيلي اليوناني” لسوفوكليس، ثم (قصص تمثيلية) لفرانسوا دي كوريل وآخرون عام 1924، بالإضافة إلى مسرحية «أنتيجون» لسوفوكليس.
ولم يكن طه حسين مهتمًا باللغة اليونانية فحسب، بل قام أيضًا بترجمة العديد من الأعمال من اللغة الفرنسية، بما في ذلك مسرحية “أندروماش” التي كتبها الروائي الفرنسي جان راسين. كما قام بترجمة “أوديب وثيسيوس.. أبطال الأساطير اليونانية” للكاتب أندريه جيد، وكتاب “زيديج” لفولتير، بالإضافة إلى كتاب “روح التعليم” لجوستاف لوبون.
- نصر الدين طوبار ملك الابتهالات.. كيف انضم للإذاعة وماذا قالت عنه الصحف؟
- بدء اجتماع المجلس الأعلى للثقافة للتصويت على الفائزين بجوائز الدولة لعام 2024
كما تحدث طه حسين عن مدى ارتباط اللغة العربية باللغات الأجنبية التي حاول ترجمة بعض أعمالها. اللغات السامية وآدابها. وإتقان اللغتين اليونانية واللاتينية وآدابهما.
بالإضافة إلى فهم التوراة والإنجيل والقرآن، كيف يمكننا أن ندرس الأدب العربي إذا لم ندرس كل هذه المواد؟ هل نعتقد أن أحداً من شيوخ الأدب في مصر قرأ إلياذة هوميروس والإنيادة لفرجيل؟ وكان الجاحظ كاتباً لأنه كان مثقفاً قبل أن يكون لغوياً أو بلاغياً أو كاتباً. وكان ملماً بتاريخ البلدان وتقويمها ولو عاش الجاحظ في هذا العصر لحاول أن يتقن الفلسفة الألمانية والفرنسية، وهذا بالضبط ما يفعله الأستاذ الجاحظ اليوم، يكفي أن ننظر إلى وأدب أبي العلاء المعري لنرى أننا بحاجة إلى كل علوم الدين الإسلامي، فضلا عن المسيحية واليهودية. وتعاليم هندية في الأديان لفهم شعر أبي العلاء. ولا يمكن للأدب أن يؤتي ثماره إلا إذا اعتمد على العلوم التي تساعده وعلى الثقافة التي تثريه.