عاصفة من المفارقات تنبثق من ديوانه الأخير “أمشي وغيري يصل” للشاعر المصري سامح محجوب، والذي صدر مؤخراً عن دار الشؤون الثقافية العراقية. خلق مزاج شعري من خلال صور متتابعة تبدو كامنة في أعماق النفس أكثر من وجودها الفعلي على سطح العالم.
- بحيرة قارون فى برومو مسلسل جودر 2024.. اعرف تاريخ أكبر البحيرات الطبيعية
- دراسة: مستويات المعادن الثقيلة في شعر بيتهوفن ساهمت فى إصابته بالصمم
- ذاكرة اليوم..استخدام غاز الخردل في الحرب العالمية الأولى وميلاد نيرودا
يبدأ الشاعر ديوانه بمفارقة تبدو مخيفة، حتى كالكابوس، من خلال جملة معقدة دراميا: “ليس هناك أصعب من أن تواجه نفسك في حافلة ليلية مع سائق مخمور”، وتطفو نكهة الاستعارة من هذا. كما يبدو أن الصورة، والاستعارات والكنايات تتوج الصور الشعرية بتاجها الثنائي القطب، بين قدرتها على… غرس الجمال في روح المتلقي، وتمكينها من الاختراق مثل السهم الثاقب حتى النخاع ليخترق روحه.
- تراث مصر.. قراءة ببليوجرافية لمصادر ومراجع تناولت فندق مينا هاوس
- ذاكرة اليوم..استخدام غاز الخردل في الحرب العالمية الأولى وميلاد نيرودا
- ثروت أباظة.. حكاية الطالب الذى عدل على أستاذه
إن الرغبة في سحق العالم ورفضه وتقليده تظهر بأكثر من شكل وتعبير، ولعل رثاء الوطن يكون بطريقة ساخرة، بما تحمله من رمزية واستحضار شعري لفكرة التحية نخبًا وشربًا على صحة الوطن، أو على جثته المشوهة مثلًا، هكذا تأتي قصيدة «النسر المهزوم» لتعيد صياغة الوطن باعتباره مساحة الاحتواء والحضور والتحقق، لكن الشخصية الرثائية والساخرة والعدائية والحزينة تحيلنا إلى… مفارقات لا نهاية لها، عن الحب والكراهية، عن النبل والخضوع، عن القوة والضعف، وكأن صورة البالية الذابلة إن انعكاس الوطن هو سقوط العالم في نظر الشاعر.
محجوب، سبق له أن أصدر خمس مجموعات: “لا شيء يساوي حزن النهر” عام 2006، و”الحفر بيد واحدة” عام 2010، و”استعارة الماء” عام 2015، و”امرأة انفجرت بالياسمين.. أعزل” “العاشق ينتظرها” عام 2017 ظل وفيا لشعر الطفيلة أو الشعر الحر بقوافيه وكان جرسه المتدفق طويلا أحبه جمهور الشعر، حتى تحول إلى كتابة الشعر النثري في ديوانه “يفصير.. للريح رحلاتها” 2019.
لكنه يعود في مجلده الأخير إلى عوالم النشاط الغني بالزخارف والصور الغريبة المدعومة بالوزن والقافية، في تجربة عملية تؤكد أن الإبداع قادر على تجاوز الشكل والمضمون ليتم تكريسه.
المواضيع التي يتضمنها “أمشي وآخرون يصلون” متنوعة، لكن الحس الصوفي والصور التي تتعمق في التجلي وتصل إلى أعماق الكون من خلال نافذة الإنسان البسيط، تناص وثيق مع النصوص الصوفية مثل “هناك” ليس في الثوب إلا الله.. ليس في الثوب إلا أنا” في قصيدة “التصريح الختامي لابن منصور الحلاج” التي يختتمها بطريقة درامية لا يمكن الاستغناء عنها ليست السخرية والذكاء والخيال: “والأضداد متحدة / في نفسي / و / الفاني / مندمجة / مع الفاني، مجدي / من شاء / يراني.”
تمتلئ المجموعة بالصور الرومانسية القادمة من أعماق الزمن مثل “سر النعناع” و”صرخة لكمان يوهان شتراوس” و”نانسي” و”السوبرانو”، وفي الوقت نفسه مرثيات مؤقتة مثل كقصائد “المقابر الجماعية”، و”القيامة”، و”الشاعر الملعون”، و”الشاعر الملعون”، ليقدم المجلد تجربة مشبعة بالرمزية والاستعارة.