اليوم ذكرى وفاة قائد الثورة سعد زغلول، الذي توفي في 23 أغسطس 1927. وقد ذكر عباس محمود العقاد ما حدث قبل نفيه في كتابه سعد زغلول قائد الثورة.
- مزاد عالمى يبيع لوحات لنجوم زمن الفن الجميل.. اعرف ثمنها
- تعرف على أعمال الكاتب الكبير صالح مرسى فى ذكرى ميلاده
وذكر العقاد كلمة القارعة وكأنها كلمة سرية، فهي الكلمة التي رددها سعد في الأسبوعين الأخيرين قبل نفيه. لأنه رأى بحق أن الصمت يتبعه صمت، وأن الحركة تتبعها حركة، ولم يكن متأكداً من أن الثورة ستأتي بعد الصراع الذي كان يواجهه وتؤخر حدوثه. ولأن المعسكرات والقلاع والمطارات كانت مكتظة بالجيوش، ومليئة بالمدافع والدبابات والطائرات، كان المصريون بلا كل سلاح، حتى العصي والسكاكين وبنادق الصيد، وتم رصد الصحف. وكان الجواسيس والأعين يرصدون الذهاب والإياب فإذا كانت الثورة صعبة على المصريين، فلا عجب أنه لم يكن من الممكن لأمة أن تثور في ظل هذه القيود، ولا يرجو أن تكون الإرادة الأعزل من خلال الثورة مهزوم مجهز بكل سلاح .
لم يكن متأكداً من أن الثورة ستأتي، لكنه كان متأكداً أنها إذا جاءت فلن تأتي إلا بضربة توقد نيران الغضب في الأمة الودية والمتحمسة، وكان في وسعه تحقيق المأمول. للضربة القاضية واللعين. فليواجه الأمر ويفعل ما يستطيع، وبقية الإدارة على عاتق الناخبين.
ونعتقد أنه لو كان سعد ثابتاً تماماً في الثورة دون تردد، لكانت بطولته أقل من هذه البطولة، ولكان نصيبه من الشجاعة أقل من هذا النصيب. لأنه يتقدم ولا يخشى أن يطول الخطر الذي يواجهه، ويجازف وهو يعلم أن غضب الثورة سيحميه. إما أن يتقدم ولا يقلق من استهدافه بالعقاب دون أن يتبعه أحد، أو يتعرض لهجوم من مهاجم، تلك هي قمة البطولة. فهذه هي بطولة الواجب، وهي أعلى وأجدر من بطولة الحساب والتقدير.
- شاهد قطعة آثار مصرية تم بيعها فى مزاد عالمى بنيويورك
- بيع آثار فرعونية فى مزاد بنيويورك.. أغلى قطعة بـ478 ألف دولار
ومضى يوم ولم تأت المكالمة، فتباطأ في مغادرة مكتبه ليمشي في الشارع للحظات ثم يعود في اليوم التالي بعد إرسال البرقية إلى رئيس الوزراء، التقى بأحد أعضاء الوفد في ذلك الشارع وقال له: “الجماعة لم تأت بعد؟” هل هم لا يأتون؟ فقال: لا فائدة، إما أن يسافروا بنا أو يقبضوا علينا، أو يتركونا نموت حيث نحن.
- العثور على رسالة في زجاجة عمرها 150 عامًا بمقبرة فايكنج بالنرويج
- بيع آثار فرعونية فى مزاد بنيويورك.. أغلى قطعة بـ478 ألف دولار
إلا أن هذا القلق لم يستمر أكثر من يوم آخر؛ لأن “المجموعة” المنتظرة جاءت في مساء اليوم التالي؛ وهذا يعني أنه في اليوم الثاني من شهر أغسطس، جاء ضابط بريطاني برتبة رسام إلى دار الأمة في الساعة الخامسة، ومعه ضابط آخر برتبة ملازم ومترجم مصري من الباب الخارجي، وكل منهما معه مسدس ذو حربة في نهايته، وكان طالبا في المدرسة الثانوية. مكتب الكاتب والمترجم الملحق بالوفد المصري، حيث شاهد ضابطًا بريطانيًا يستوقف محمد محمود باشا وهو في طريقه إلى دار الأمة ويركبه في إحدى عربات الجيش الإنجليزي. فخرج الأستاذ فؤاد ليخبر سعد بما قاله له الطالب، فوجده أمام الضابط البريطاني على باب الغرفة. فتراجع وقال له بالانجليزية: أريد أن أقابل سعد زغلول باشا. أين هو؟” فرد عليه الأستاذ فؤاد بالفرنسية: تفضل وانتظر في غرفة الاستقبال حتى أبلغ الباشا. وأشار إلى غرفة الاستقبال، لكن الضابط لم يفهم ما قاله وظن أن الباشا موجود في الغرفة التي أشار إليها، فقال مرة أخرى: هل سعد باشا هنا في الغرفة؟ قال الأستاذ فؤاد: لا، لكني سأبلغه. فنظر إليه الضابط بحذر وقال له: “أفضل أن أراه دون وساطتك”. قال الضابط ساخراً: “في هذه الزيارة لا ضرر من إجراء المقابلة والتقديم في نفس الوقت!” والتفت إلى الأستاذ فؤاد فرآه يضع يده اليمنى في جيبه. وظن أنه يستخرج سلاحا، فناداه بلهجة عسكرية: ارفع يديك. وصل الضابط الثاني بسرعة إلى بندقيته واستعد لسحبها.
- ذكرى رحيل بيليه.. كتب عن أسطورة كرة القدم البرازيلية
- مصطفى سويف عاش هنا.. قدم كتب عن علم النفس أبرزها الأسس النفسية للإبداع
كان سعد في مكتبه وشعر بما يحدث في غرفة الاستقبال. فخرج إلى باب المكتب، وقد رآه الأستاذ فؤاد والضابط هناك في نفس الوقت. فقال الأستاذ للضابط: هنا سعد باشا. التحية العسكرية.
- مثلث تدمير الشعوب.. مذابح دقلديانوس تحولت إلى عصر الشهداء
- على خان المدنى فقيه وكاتب حجازي فارسي.. ما مؤلفاته؟
- شاهد قطعة آثار مصرية تم بيعها فى مزاد عالمى بنيويورك
ونظر الباشا إلى الضابط بعناية ثم دعاه إلى المكتب. يرفع قبعته ويدخل معه. ثم انصرفوا، وقاده الباشا بثباته المعتاد إلى الدرج، حيث وقف أمامه وقال: «لن أذهب معك سيرًا على الأقدام، سأرسل في طلب سيارة». ولم يفهم الضابط قصد الباشا وكرر كلامه: “معي مذكرة توقيف بحق سيادتك”. فقال الباشا مبتسماً: أفهم ذلك جيداً، لكني أريد أن أحضر سيارة. عندها فهم الضابط بصعوبة، وأشار إلى المكان الذي كانت تنتظره السيارة العسكرية. وكانت الكلمة الأخيرة التي قالها سعد قبل مغادرته مجلس الأمة هي “تشجعوا”. قالها بالفرنسية وكررها عدة مرات.
وعندما كان على وشك النزول، التفت الضابط إلى الواقفين هناك وسأل: أين إسماعيل صدقي باشا؟ وكان صدقي باشا مع من وقف وقال: أنا هو. قال الضابط: تفضل معي. فأجاب: “حسنًا، لكن اسمح لي أن أعود إلى المكتب للحظة”. وضع الضابط يده على كتفه وقال: لا، أخشى أن تذهب! فقال صدقي باشا: “لو أردت الهرب لما أظهرت نفسي”. ثم ترك يده وذهب إلى مكتب منزل الباسل باشا؟ ولم يجبه أحد، وبعد فترة أشار أحد الواقفين إلى المنزل ووجه الضابط إليه.