صدر حديثا.. يوسف جوهر يقدم رؤيته الاجتماعية فى "أمهات فى المنفى"

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة كتاب القرن العشرين، رواية بعنوان “أمهات في المنفى” للأديب الكبير يوسف جوهر.

العالم السردي في رواية أمهات في المنفى يبدأ من عنوانها، فالكلمة الأولى في العنوان تفتح أفق التوقعات للقارئ على احتمالات، منها: يمكن أن يجد في العمل عدداً من الشخصيات التي لكل منها وظيفة أ. الأم، وتختلف قصص المنفى وأنواعه على أساس ذلك لكن القارئ عندما… يتجاوز عتبة العنوان يجد أن عالم السرد بأكمله مرتبط بأم واحدة هي صفية، التي تحكي لنا “مقدمة” شخصية يمكن أن نواجهها في عالمنا الموازي، عالم الواقع، إنها صفية، كما يوحي اسمها، أم دمرها موت زوجها، ولم تحقق هدفها. كان لديها أمل لم تأمله في ابنها، وبقي لها ثلاث بنات، غادرت إحداهن البلاد مع زوجها، وانتقلت الأخريان إلى منزل زوجها، وهنا تبدأ الأحداث عالم السرد. يصور التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي ضربت المجتمع المصري في نهاية سبعينيات القرن الماضي من خلال أسرة الأم صفية، عالم تتصارع فيه القيم الغائبة مع القيم الغائبة. هذه هي قيم الشرف والنزاهة والالتزام بالتضحية في سبيل الآخرين، وهذه هي القيم التي لم تفارق الأم “صفية” – تأملوا الاسم؛ وإن كان ملجأها ومعقل ذكرياتها مع الذين رحلوا عن الدنيا، أو الذين ذهبوا إلى بيوت أزواجهن؛ ومن أجل إسعاد ابنها، تجد نفسها مضطرة للتخلي عنه، ثم الطلاق منه، ثم إلى المنفى المتكرر في بيوت من استغل طيبتها وحبها، ثم تنفرد بنفسها في إحدى الغرف. من منازلهم في البداية، ثم في دار رعاية المسنين في النهاية، وهذه القيم النبيلة يحكم عليها، والعزلة في منزل يجلب الكثير والكثير من النساء اللاتي كان مصيرهن المنفى عندما كانت القيم المادية. يطغى على القيم الإنسانية النبيلة.

تمكن يوسف جوهر من تقديم رؤيته الاجتماعية من خلال عناصر السرد السردي، من خلال اتباع مسار سردي يأخذ خطا زمنيا يتدفق من الماضي، مرورا باللحظة الحاضرة ونحو المستقبل حيث تجد كل شخصية مصيرها هذا الخطي. المسار الذي يوجه به السرد إلى مسارات فرعية لا ترجع إلى الوراء. وبقدر ما يتوازى مع الخط الرئيسي للسرد، فإنه يأتي على شكل مسارات تكشف جوانب بعض الشخصيات التي أراد تصويرها مع الجميع. وما يصاحبها من قيم الانتهازية والفساد وقلة الشرف.

تعتبر الرواية علامة على نضج الرواية الواقعية واكتمالها. لا يقدم الراوي شخصيات لا يمكنك العثور عليها شخصيات واقعية يمكنك رؤيتها في العالم الحقيقي. بل إنه يقدم للقارئ أزمات اجتماعية تشبه تلك الأزمات التي تراها في عالمك الواقعي، وهي الأزمات التي تكون. متشابهة ومتكررة لأن أسبابها وعوامل وجودها تتكرر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top