معركة صفين.. ما قاله عباس العقاد عن الموقعة

في مثل هذا اليوم من سنة 657 م، وقعت معركة صفين بين جيش خليفة المسلمين علي بن أبي طالب، وجيش والي الشام معاوية بن أبي سفيان الذي اشتبك بين الفريقين. واستمرت لمدة ثلاثة أيام وانتهت دون حسم، كما انتهت بعملية التحكيم في شهر رمضان من العام.

رفض معاوية بن أبي سفيان مبايعة الإمام علي بن أبي طالب، خليفة المسلمين رضي الله عنه، معتقدًا أنه بايع دم عثمان، وأنه لا بد من الانتقام من ذلك. القتلة، وأنه لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يتخلف في هذا الأمر، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن هذه الجماعة هي الجماعة الوحيدة الخارجة عنه في الدولة الإسلامية كلها، ولذلك فلا بد من محاربته لإعادته إلى الحق وإلى المجتمع المسلم.

يصف عملاق الأدب العربي الأديب الكبير عباس محمود العقاد في كتابه «عبقرية الإمام» أنه بعد اغتيال عثمان، فإن أكثر ما لا يتصور أن ينتصر علي على معاوية في سوق المنافع الدنيوية. ; لأن معاوية أهداها هديته منذ عشرين سنة، وجمع لها أنصاره، وخزن لها كنوزه في أرض آمنة بين الجنود المطيعين.

ولو كانت لدى علي المادة اللازمة لهذه السياسة لما كان له عملاءها ومساعدوها… وهو لا يقل فائدة في هذا الصدد عن أعوانه الذين تمردوا على سياسة المنافع، ولم يسفك دماء خليفة من أجلها. عليه، واتحدوا في العصيان، بقصد أو بغير قصد… فلا يلجأون إلى نهج معاوية، ولو أرادوا ذلك.
والراجح أن علياً بهذه السياسة خسر من أحبه، ولم ينتصر من أبغضه.

وذكر العقاد في كتابه: قال بعض ممن شهدوا غزوة صفين: «لما قدمنا ​​معاوية وأهل الشام في صفين وجدناهم قد نزلوا في دار اختاروها مسطحة واسعة، لديهم القانون -هذا هو مصدر المياه- كما كان في أيديهم… واتفقوا على منع المياه عنا. فذهبنا إلى أمير المؤمنين فأخبرناه بذلك صعصعة بن صوحان وقلنا له: تعال إلى معاوية فقل له قد سافرنا إليك هذه الرحلة. إنا كرهنا أن نقاتلكم قبل أن تعذروا، وقد قدمتم إلينا خيلاكم وأرجلكم وقاتلتمونا قبل أن نقاتل معكم وتبدأوا، ونحن نرى أن لا نقاتلكم حتى ندعوكم. وتحتج عليه، وهذا أمر آخر فعلته إذ بقيت بين الناس والماء، والناس لم يفرغوا ولم يشربوا، ثم أرسل إليك أصحابا، حتى ينفردوا بين الناس كن، ووقف في وسط الماء حتى ننظر إلى ما بيننا وبينك، وما قدمناه له، وأنت له».

ثم قال راوي الخبر معناه: سأل معاوية أصحابه، فأشاروا عليه أن يأتي بين علي والمورد، دون أن يتردد في قبول دعوته للصلح، أو دعوته للتفاوض في أمر الخلاف، فأرسل معاوية إلى حرس المورد ليحميه ويرد من يقترب منه، فكان بين الجنديين، يقاتل بالسهام، بالرماح طعن ثم ضرب بالسيوف حتى اقتحم أصحاب علي المجرى واستولوا عليه. منه.

وهنا الفرصة الكبرى، لو أراد علي أن يشبعها، وأن يغلب أعدائه بالعطش، كما أرادوا أن يغلبوه بها قبل ساعة… وجاء أصحابه فقالوا: والله لا نسقيهم. لا تعطي ليشربوا، كأنه سفير معاوية وجنوده يشفع لهم، ويلين قلوبهم لهم، فصاح بهم: “خذوا الماء ما تحتاجون إليه، وارجعوا إلى جنودكم واتركوهم، فالله – تعالى – قد نصركم . “عليهم بما ظلموا وبغيهم”.

وكانت أمامه فرصة قبل هذه في الحرب على أهل البصرة، فأبى أن يغتنمها وأغضب أنصاره لينصف أعدائه. لأنه نهاهم عن أخذ المال والسماح بالسبي الذي قالوا إنه حلال. قالوا: أترى أن دماءهم تحل لنا وتحرم علينا أموالهم؟ قال: “إن الناس مثلكم، منا ونحن منه، ومن تراجع حتى يضرب فمعركتي في الصدر والحلق”. وقد أقام لهم سنة الفروسية أو سنة الفروسية عندما أمرهم ألا يقتلوا مدبراً، وأن لا يعتدوا على جريح، وأن لا يكشفوا غطاء، وأن لا يتوصلوا إلى مال.

ومن الفرص التي أبى الكبرياء أن ينتهزها، كانت فرصة عمرو بن العاص ملقى على الأرض مكشوف الجلد، لا يبالي بدرء الموت بالحماية التي أعدها. ثم حدث قبل ذلك أن ضرب رجلاً يخاف الموت خوفاً لا يقبله من بيته في ميدان الصراع، ولو أتيحت الفرصة لأحد غير علي ليخرج عمرو للدعوة لعلم أنه وكانت جرثومة الحكم. العداء والمكر، فلا يمانع في ضربه أينما كان. لقد انتصر، ولا حرج عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top