أبو حامد الغزالى فى ذكرى وفاته.. ماذا قال العقاد عنه؟

اليوم ذكرى وفاة الإمام أبو حامد الغزالي، الذي أطلق عليه العديد من الألقاب في حياته، أشهرها “حجة الإسلام”. توفي في 19 ديسمبر 1111م بطوس. إيران.

وعُرف الإمام أبو حامد الغزالي بردوده القوية على فلاسفة عصره. وانتقد أفكارهم ودحضها. ولذلك قرر الغزالي أن يتفرغ لدراسة الأساليب الفلسفية حتى يتمكن من الاستجابة لبصيرته. فخرج بكتابه الشهير “مقاصد الفلاسفة” الذي بين فيه المناهج الفلسفية وتقسيمها. وكتابه “تهافت الفلاسفة” وفيه رد. وهاجم بعض الفلاسفة المسلمين بالعنف الذي اتهمهم بالكفر والبدع. إلا أن كتبه كانت من أوائل الردود العلمية والموضوعية التي قاومت الفكر بالفكر، حيث انتقد أفكار الفلاسفة بشكل تفصيلي تحليلي وحتى. الطريقة الفلسفية، بحيث حمل فكره طابعا فلسفيا رغم إرادته، بحيث يمكن القول أن هناك فلسفة فكرية، وخاصة موقف الغزالي، الذي يشرحه العقاد في هذا الكتاب الصغير.

ويقول عباس محمود العقاد في كتابه فلسفة الغزالي: إن فلسفة الغزالي موضوع واسع وبعيد المدى، إذا أردنا تفصيل مذهبه فيما يتعلق بحقائق الوجود ومقتضيات المعرفة. لأنه بحث مع الفلاسفة، كما بحث مع المتكلمين والمعتزلة، والفقهاء والصوفية، ومع علماء الإسلام وغيرهم من علماء الدين، وكان في كل بحث من هذه الأبحاث غيرته وتعليقه على كلام غيره. ، واتفاقات رافقتها اختلافات في الرأي لكثير ممن ناقش وتحاور معهم، وهو ما يستحيل ضمه. وقد ورد في حديث واحد، بل ويستحيل التعرف عليه في حديث واحد، إلا إذا كان كالفهرس الذي يذكر. العناوين ولا يتعدى ذلك إلى الشرح. ملخص كاف أو مفيد.

ولكنني لم أقصد فلسفة الغزالي، بل قصدت “فلسفة” الغزالي، أو قدرته الفلسفية، أو قدرته على دراسة الأمور من وجهة نظر فلسفية. وهو موضوع واسع يمكن تلخيصه في مثل هذا الحديث، ويكفينا معرفة قدرة الفيلسوف اللازمة، ومعرفة الأدلة. وهذه الصفة التي يتمتع بها الإمام الأعظم تتجلى في منهجه الذي يسعى إليه عندما يطرح مسألة الوجود، وخاصة مسألة الوجود. القضايا التي أطلق عليها الباحثون “القضايا”. “ما وراء الطبيعة.”

وإذا سئل الغزالي رحمه الله: هل أنت فيلسوف؟ ماذا يمكن أن يكون جوابه؟

على الأغلب أجاب بالنفي، والحقيقة في إنكاره لم تكن أكثر من شك الفلسفة في نفسها، إذ كان للفلسفة في ذلك العصر معنى مختلف عن المعنى الذي نفهمه الآن في العصر الحاضر، وغيره كالمعنى. التي أرادها الذين صاغوا الكلمة تواضعًا منهم، ولم يريدوا أن يصفوا أنفسهم بالحكماء، لذلك اكتفوا بمحبة الحكمة، التي هي معنى كلمة فلسفة في اليونانية. كما هو معروف.

وفي عهد الغزالي كان معناه أنه قول يستحق الرد منه، وظهر تناقضه في النقاش بالحجج والأدلة، ولولا ذلك لما اختار الاسم لا . “تنافر الفلاسفة” في مناقشته، وكأنه يعني بذلك تناقض الفلسفة على الإطلاق.

لو سئل الغزالي: هل أنت فيلسوف؟ – إنكار ارتباطه بالأشخاص الذين أبطل حجتهم، ودحض آرائهم، وحذف طروحاتهم المتناقضة، وهو الضعف الذي يمكن من اتصف به أن يكون متماسكاً لا حجة.

ولكننا ننظر الآن إلى أقوال الغزالي في حديثه عن الفلاسفة، ونعلم أنه ناقش الفلسفة مع الفلسفة، ودمر الأسلحة بسلاح مماثل، لكنه نفذ واستمر. فهو إذن فيلسوف أقدر من الفلاسفة الذين أبطل حجتهم، سواء كان فارسا في هذا المجال أو من بين عدة فرسان آخرين، مع أنه واجه هذه الصناعة دون أدواته عندما اتضحت حجته بين الحجج، وهو ولا يمكن الكشف عن بطلانها حتى لو كانت باطلة.

والحقيقة أن حجة الإسلام رضي الله عنه لم تكمل له آلة قط كما كمل له آلة الفلسفة. فهو عالم، وهو فقيه، وهو متكلم صوفي، ولا شك أن هذه المطالب لا تحتاج إلى جميع ملكاته ووسائل علمه، ويمكن أن يحقق هدفه ببعض تلك الملكات، فيبقى بعد ذلك قوة لا ضرورة لها في شيء سوى الفلسفة وحدها، وما يقال عنها يتلخص في كلمة واحدة: أنها قوة التجريد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top