مقدمات الكتب.. ما قاله نصر حامد أبو زيد فى مفهوم النص

نواصل سلسلة مقدمات الكتب ونتوقف اليوم مع كتاب “مفهوم النص… دراسة في علوم القرآن” لنصر حامد أبو زيد. ماذا قال في المقدمة .

مقدمة:

إن العديد من أفكار هذه الدراسة هي نتيجة التفاعل المثمر مع طلاب قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة سواء في الجامعة الأم أو في فرع الخرطوم في السودان الشقيق.

ومن خلال مشاركتي في تدريس مادتي “القرآن والحديث” و”البلاغة العربية”، تمكنت من اختبار مجموعة من الفرضيات مع الطلاب، كلها تدور حول “القرآن” من مختلف جوانبه. كان منهجنا هو أن نقرأ أولاً ما كتبه القدماء حول هذا الموضوع، ثم نناقش وجهات نظرهم من خلال منظور معاصر. وذلك بعد أن تفهمه وتستوعبه.

وبقدر ما كان هذا المنهج مرهقًا للطلاب، فإنه أكد قدرتهم على الحوار والنقد، ولكن الأهم من ذلك أن هذا المنهج ساعد في بلورة العديد من الفرضيات التي كنا نحاول اختبارها، وكثير منها هي الفرضيات التي بنيت عليها هذه الدراسة على.

وجاء هذا الحوار مع طلاب قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة ضمن حوار أوسع مع الأساتذة والأصدقاء والزملاء داخل الجامعة وخارجها.

مفهوم النص دراسة في علوم القرآن.jpg” style=”width: 550px; height: 825px;” عنوان = “مفهوم النص دراسة في علوم القرآن”>
مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن

ولم يتوقف الحوار في هذه الدائرة الأوسع عند حدود الاهتمامات الأكاديمية، بل تناول هذه الاهتمامات في إطار اهتمامات أوسع، وهي اهتمامات الثقافة والأمة بشكل عام. ولعله من باب المبالغة القول إن اهتمامات الباحث على المستوى الأكاديمي لا تنفصل عن اهتمامات المواطن، بل تستجيب لها.

إن الأسئلة والافتراضات التي يطرحها الباحث في أي دراسة ليست في الواقع سوى صدى – قد يبدو في كثير من الأحيان بعيدا وخافتا – لاهتمامات المواطن على أي مستوى.

ومن الناحية الأكاديمية بالمعنى المذكور، تعتبر هذه الدراسة خطوة ثالثة على طريق دراسة تراثنا الفكري من منظور علاقة المفسر بالنص ونقاشه معه. وكانت الخطوتان السابقتان هي دراسة تفسير النص القرآني، هل تم هذا التفسير على أسس عقلية كما هو الحال عند المعتزلة، أو هل تم على أسس بديهية ذوقية كما هو الحال عند المعتزلة. كان. الحال مع الصوفية. لقد كان التركيز في الدراستين السابقتين على الآفاق الفكرية والمعرفية التي تنطلق منها عمليات التفسير والتأويل. ولذلك كان لا بد من أن تركز هذه الدراسة على النص نفسه، في محاولة لاكتشاف مكوناته وآلياته الخاصة ودوره الإيجابي في عملية التفسير.

إن التركيز على دور المترجم الفوري في فهم النص وتحديد معناه وأهميته يمكن أن يعطي الوهم بأن نشاط الترجمة والتفسير يسحب النص ببساطة إلى أفق القارئ والمترجم. وهذا ما حدث في الفلسفة التفسيرية المعاصرة. ودور القارئ والمفسّر مبالغ فيه إلى حد إضاعة كيان النص والتضحية به من أجل كفاءة التفسير. ولذلك فإن سؤال كيان النص في الدراسات النقدية المعاصرة هو سؤال مهم ومشروع.

فإذا كان الباحث في دراسته الأولى قد اهتم بالتركيز على فعالية المفسر، فإنه في دراسته الثانية أصبح يدرك أهمية النص وأشار إلى دوره وفعاليته وإلى فعالية التراث التفسيري والتفسيري الذي يأتي معها. به، وأشار إلى أثر ذلك كله في تفكير المفسر. ولذلك كان من الطبيعي أن تخصص الخطوة الثالثة دراسة خاصة تتناول مفهوم النص وتناقش جوانبه المختلفة. وهذه الخطوة الثالثة بدورها تكون بمثابة مقدمة لخطوات أخرى تكتمل من خلالها دراسة الاتجاهات التفسيرية الأخرى في التراث في درس علمي لا يتجاهل طرفي العلاقة ولا على أحدهما على حساب الآخر لا ركز.

وإذا كنا سنتحدث في المقدمة عن أهمية هذه الدراسة فيما يتعلق باهتمامات الثقافة والأمة، فإننا في هذه المقدمة نكتفي بإعادة الحق إلى أصحابه، لذا نقدم هذه الدراسة أولا إلى الأساتذة، الأصدقاء، والزملاء الذين يدين لهم الباحث بكل ما هو محمود في هذا العمل. ولو جمعت هؤلاء في شخص واحد يتفقون معه، ويدينون له بكل ما هو نبيل وأصيل فيهم، لم أجد غير المرحوم عبد العزيز الأهواني، الأستاذ والعالم والمواطن.

أقدم مع أساتذتي وأصدقائي وزملائي لطلبة قسم اللغة العربية بعض ثمار حواري وتفاعلي معهم. للتأكد من أن التعليم الحقيقي يؤدي أيضًا إلى التعلم، وأن الاكتفاء بالتلقين لا يضر التلميذ وحده، بل الضرر على المعلم أعظم. طلاب فرع الخرطوم لهم تأثير خاص علي لا أستطيع أن أتجاهله هنا. ومن خلال استجاباتهم الحماسية لأفكاري، سواء بالقبول أو الرفض، أعادوا لي ثقتي في جدوى الجهد الذي كنت أبذله، وهي ثقة كادت أن تتلاشى وفقدت في شتاء عام 1982م في جامعتي الأم.

ورغم أن هذه الدراسة استغرق إعدادها أكثر من خمس سنوات، إلا أنه كانت هناك حالات طارئة أخرى كانت تشغلني عنها، ثم كنت أعود إليها ثم أبتعد عنها، وكان التدريس دائمًا يعيدها إلى بؤرة الاهتمام. لقد كتبت ذلك في مقال طويل لمجلة “فصول”، لكن المقال ضاع في البريد بين اليابان ومصر، ولم يكن لدي سوى مسودات. هذا هو نتيجة الثقة المفرطة في الخدمة البريدية. وكان فقدان المقال خسارة كبيرة في ذلك الوقت، لكن هذه الخسارة الكبيرة تحولت إلى خسارة ضارة ومفيدة. وعندما عدت إلى خرائطي ومسوداتي مرة أخرى، كان هذا هو الكتاب الذي قدمته أيضًا إلى أساتذتي وأصدقائي وطلابي، فهو منهم ومن أجلهم.

وفي النهاية لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر للأصدقاء الذين بذلوا عناء مراجعة النسخ الأصلية لهذا الكتاب المطبوع على الآلة الكاتبة وتصحيح الأخطاء التي حدثت في النسخ، وهو جهد مضني لا يعرفه إلا من يعاني منه. عنها، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالنصوص القديمة، فما أسهل أن يقع الناسخ في فخاخ أسلوبهم. الصديقان: أحمد صبري الحكيم وخيري محمد فرج حملا هذا العبء الثقيل مشكورين، وقد راجع مراجعتهما الصديق د. واستعرض إبراهيم مبروك، الذي قام بالإضافة إلى ذلك بالتصحيحات ونسخ قائمة المراجع الأجنبية على الآلة الكاتبة، فلهم جميعاً عظيم الشكر والامتنان.

إن الجهد الذي شاركت به زوجتي لإخراج هذا الكتاب إلى النور كان جهداً مضنياً. وبالإضافة إلى الأعباء الكثيرة التي حملتها عليّ لتوفير الوقت والجهد، فقد تحملت وحدها عبء طباعة المخطوطة بحماس كبير على الآلة الكاتبة، رغم كل الصعوبات التي ذكرتها. وكان حماسها دافعاً لا يمكن إنكاره لتحفيزي على مواصلة العمل دون كلل أو ملل. والحقيقة أن خطأ الكتاب والمؤلف أعظم من هذه المراجع السريعة. إن أعظم الدين، كما قلت للأساتذة والأصدقاء والطلاب، هو دين لا يمكن إشباعه بمجرد الكلمات، ولعل الجميع يجدون في هذا الكتاب ما يحقق آمالهم وتوقعاتهم، وإذا خابوا سقط الحمل. علي وحدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top