اليوم ذكرى وفاة أحد رواد النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا وهو رفاعة رافع الطهطاوي. توفي في مثل هذا اليوم 27 مايو سنة 1873 من عالمنا. نشأ في أسرة تتميز بالقضاة ورجال الدين، فحظي عناية كبيرة من والده وحفظ القرآن أعمامه، كما امتلأ بالمشايخ والعلماء، أخذ المتون عن أيديهم وحفظ ما كان شائعا في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو. مورفولوجية وأشياء أخرى. ثم عمل إمامًا في الجيش النظامي الجديد عام 1824، وتحدث مباشرة عن مصر كتابيًا.
ومما جاء في كتاب مناهج قلوب المصريين في ملذات الأدب الحديث لرفاعة رافع الطهطاوي: أن اسمه بالمعنى التقليدي قد وصل في مصر أكثر من البلدان الأخرى. بسبب مصير الناس إليها وتجمعهم هناك لمنافعهم ومكاسبهم، وما ذلك إلا لموقعها الرائع الذي يوسع دائرة تقدمها في التنمية البشرية والعمران، وتسارع إنجازها إلى أعلى درجة. الحضارة منذ القدم وعبر العصور وعبر العصور، صقلت صور أخلاق المخلوقات في مرآة جوهره، وصقلت طبيعتهم تدريجيا، وتمسكوا بثمار العلم والمعرفة التي صنعتهم. تعرفوا على الحقائق، واختلطوا بالأمم الأخرى وذاقوا حلاوة الأخذ والعطاء وكثرة العلاقات.
وهكذا تحققت فيها منذ العصور القديمة الوسيلتان اللتان شكلتا كمال الحضارة والعمران: «إحداهما» تهذيب الأخلاق من خلال الآداب الدينية والفضائل الإنسانية، وهي وسيلة وقائية لسلوك الإنسان داخله. نفسه ومع غيره، ويحفظه من النجاسات ويطهره من النجاسات. لأن الدين يصرف النفوس عن أهواءها، ويعطف القلوب على أهوائها حتى يصبح قاهراً للأسرار، وظالماً للضمائر، ورقيباً على النفوس في خلواتها، وصادقاً لها في عزها. وبهذا المعنى، كان الدين أقوى قاعدة لرفاهية العالم واستقامته، وهو لجام للإنسان. ولأنه ملاك العدل والإحسان، فالدين الصحيح هو الذي يتم عليه العمل بالتعديل والنقد، فلا بد من العاقل أن يراعيه ويحافظ عليه ويزاول الزهد، والشريعة هي ما تحقق. فالواجب، وآداب السياسة هي ما يعمر الأرض، وكلاهما يرجع إلى العدل، وهو سلامة السلطان وتطور البلدان. فإن من ترك الواجب فقد ظلم نفسه، ومن دمر الأرض فقد ظلم غيره وظلم نفسه بإساءة نفسه.
أما “الوسيلة الثانية” فهي المنافع العامة التي تعود بالثراء والثراء وتحسين الأحوال وراحة البال للمجتمع كله، وتبعده عن الحالة الطبيعية الأولية. ونور الحضارة الذي يجمع بين هذين يعني للناس ذوق السعادة، ويعتبر حضارة عامة أما إذا كانت البلاد لديها عروض جزئية للأشياء الخاصة مثل المهارة في الزراعة، فإن هذا التحضر يعتبر محليا فقط. ولذلك نرى العديد من الممالك والولايات التي تميز أهلها بمزايا خاصة وتفوقوا فيها لدرجة أن الممالك المتحضرة لا تستطيع خلقهم. إن الفنون التي تؤدي إلى تقدم الحضارة تختلف في قوتها وفي ضعفها. ففن الملاحة مثلا أقوى في إنتاج العمران من الزراعة، وفائدته أعم من توسيع دائرة العمران بحسب من يعرفه.