الجحيم هو العيش بلا وطن..
وتموت في المنفى..
ويدفن في تراب غيره .
نجيب سرور
أليس أبشع من هذا الجحيم أن تعيش غريبا في أرضك، تشرد منها، تمد يدك عليك، تجبرك على لون الحياة الذي تريده، وهي حياة ملونة بالذل وتبكي “هذا وطني يا وطني” والسلاح مصوب إلى جبهتك ويد الاستبداد فوق رأسك صاروخ دبابة وأنت أعزل وليس لديهم سوى الحقيقة؟ الذي لا يؤمنون به. ليس أمامك إلا أن تموت، إما أن تموت وأنت على قيد الحياة، أو تموت تحت عجلات الاحتلال. إنه الموت والدمار، أو الموت. والبؤس، تضيق بك الحياة، فتهاجر، وتهيم تائهاً في أرض غيرك، وفي موتك تكون فقيراً، مستلقياً على أرض الآخرين، تعيش في الذل، تائهاً بلا هوية. إن الحضارة الغربية بكل إمكانياتها، وعلومها وفلسفتها، وأسلحتها وقوتها، تعلمنا دروسا إنسانية، مبادئ الحرية، في أيدي من يقدسها، مؤخرا في وسائل الإعلام، عبر شاشات التلفاز، في الصحف، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي أعذار وأفعال وحشية، وقوانين هشة ومتغيرة، تخدم مجموعة بشرية واحدة، وعصا وأيد عمياء تخيف ظهور الضعفاء، من خلال الصوت القوي. من سياطهم عندما يظهرون، يقتلون الأطفال والأبرياء والنساء والشيوخ، والدمار يحيط بالجميع، وينبئ بالانقراض هل مات السبب؟ فتراكموا عليها تراب الأرض، مما أنهى حياتهم. لسنوات حلمنا بالأمل، والأمل وسع الهوة بيننا وبينه. ولم يكن الأمل الذي كان ظاهرا من بعيد سوى العقاب، ينهمر علينا، بكل قسوة، القضية العالقة في عنق التاريخ، والتي ستبقيه عالقا، وسيظل العالم ينزف جراء ذلك، من أجل القضية. من يبحث عن الكرامة لشعب بأكمله يموت، وتضغط القوى القوية عليهم وتفشل في دعمهم. الضعفاء، المعارضون، أصحاب المصلحة، شعب كامل يعيش في وطنه أسيراً للغرباء، ولا يتمتع كما يتمتع الآخرون بحريته وخصوصيته. لماذا يعترض العالم؟ وإذا كانت القضية تستدعي مروءة الرجال، أليس الرجال هم الذين يعلمون أبنائهم حب الوطن، والإخلاص له، والتضحية من أجله، والموت في سبيله، كل شعوب العالم تتعلم هذا، ونحن نستثني واحدا؟ الناس منها نعلمهم كيف يخونون، وكيف يقبلون الذل، ويسيرون مع المحتل، ويرعونه، ولا يصيبهم هم ولا غم.